كتاب " الموساد العمليات الكبرى " ، تأليف ميخائيل بار زوهر و نسيم مشعل ، ترجمة بدر عقيلي ، والذي صدر عن
قراءة كتاب الموساد العمليات الكبرى
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
لقد كانت تلك البرقيات والأحرف الأولى بمثابة دليل قاطع على أن مرسلها هو "أبا حوشي"، وأنه خائن. أضف إلى ذلك أن باري اعتقل تحت جنح الظلام أحد سكان حيفا "جول أمسطر" - المقرب إلى أبا حوشي- وقام رجاله بنقله إلى مكان منعزل في عتليت، حبسوه في بئر ملح، وضربوه، وعذبوه، وحطموا أسنانه وأطفأوا سجائرهم في جسمه طيلة عدة أسابيع كي يعترف أمامهم أن أبا حوشي خائن. وفي النهاية اضطر باري للإفراج عن أمستر الذي أصبح شبه إنسان. ومن الجدير بالذكر إن الدولة اضطرت بعد سنوات لدفع تعويضات لهذا الرجل البائس.
لقد بقيت البرقيات التي جلبها باري، والتي كانت دليلا دامغا ضد أبا حوشي قائمة. ولا شك أنه كان من الصعب معرفة كيف ستنتهي هذه القضية لولا مثول مزور تلك البرقيات – وهو أحد العاملين في هشاي" أمام الجهات المسؤولة في الدولة وإعلامها بالقصة المذهلة. وقد قال لهم: إن ضميره لا يدعه ينام بسلام لأنه قام بتزوير البرقيات بناء على أوامر صريحة من إيسر الكبير. لقد أدى هذا الاعتراف إلى انهيار المؤامرة المدبرة ضد أبا حوشي.
لم تكن هذه المؤامرة الوحيدة من بنات أفكار باري، فبعد بضعة أشهر، وفي أوج القتال، تم اكتشاف جثة عربي يدعى علي قاسم، وهو رجل ثري، ويعمل مخبرا مع منظمة الهجناه. كانت الجثة نصف محترقة وفيها الكثير من الثقوب التي أحدثتها العيارات النارية التي أطلقت عليها، وقد ألقيت في إحدى الغابات القريبة من بلدة زخرون يعقوب. وقد اتضح أن علي قاسم قتل دون محاكمة بناء على أوامر إيسر باري نظرا للاشتباه بأنه عميل مزدوج.
ومن الجدير بالذكر أن باري قدم إلى محكمة عسكرية سرية بسبب هذه العملية، وخفضت رتبته إلى جندي وطرد من الجيش الإسرائيلي.
ولم تكن تلك نهاية مكائد باري، فقد اكتشفت اللجنة التي قدمها رئيس الحكومة بن جوريون أن باري وأحد مساعديه المدعو بنيامين جيبلي ارتكبا جريمة أخرى في الأيام الأولى من حرب 1948، فقد اشتبه الاثنان بأن ضابطا في الجيش برتبة نقيب يدعى مائير طوبيانسكي قد نقل معلومات سرية إلى البريطانيين والى الجيش الأردني إبان الحصار على القدس. وبناء على أمر من باري تم اعتقاله خلال فترة الهدنة الأولى، وقام الاثنان بنقله إلى قرية عربية مهجورة تدعى بيت جيز ومعهما اثنان من المخابرات ديفيد قيرن، وإبراهام قدرون وقام الأربعة بإجراء محاكمة ميدانية له، ولم يسمحوا له أبدا بالدفاع عن نفسه وإثبات براءته، وأدانوه، ثم أصدر إيسر الكبير أمرا بإعدامه رميا بالرصاص على أيدي فرقة إعدام.
وبعد أشهر طويلة وصلت رسالة محزنة من أرملته "لانا" إلى ديفيد بن جوريون الذي كان يتولى أيضا منصب وزير الدفاع، فأمر بإجراء تحقيق، حيث أثبتت نتائجه أن طوبيانسكي لم يتجسس ولم يخن. وقد أعيد دفنه وسط مراسم عسكرية كاملة، وقدم باري مرة أخرى إلى المحكمة التي أدانته، بيد أن خدمته للدولة جعلت المحكمة تحكم عليه فقط بغرامة قدرها ليرة واحدة وبالسجن لمدة يوم واحد، لكن رئيس الدولة حاييم وايزمن عفا عنه فورا.


