كان الشعر وما زال واحداً من أسس حياتنا الفكرية، وكان للعرب إسهام عظيم في هذا المجال، فقد أنجبت الأمة العربية أعداداً ضخمة من الشعراء الذين كانوا يحظون بتقدير بالغ في مجتمعاتهم لأن الشاعر هو إذاعة لقبيلته كما كان سابقاً لذلك كانت القبائل تبتهج كثيراً عندما ي
أنت هنا
قراءة كتاب نزار قباني حياته وشعره
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
للاختباء في تجويف يديك الصغيرتين
وتمزيق كل الجوازات المزورة التي أحملها
والعودة إلى أصلي(4)
وهناك جانب وثيق الصلة بشخصية نزار قباني هو جانب البخل الذي استبد به، وسهل على الذين عرفوه، أو احتكوا به أن يلمسوه فيه، فإذا أراد أحد أصدقائه الحصول على أحد دواوينه فعليه أن يدفع الثمن، وإذا أراد مطرب أو ملحن غناء إحدى قصائده فعليه أن يدفع له الحقوق أولاً، وإذا زاره أحد في مكتبه وطرح الشاعر عليه سؤالاً هل تشرب فنجان قهوة؟ فاعتذر الضيف تنفرج أسارير نزار.
وإذا حدث وأن حضر إليه زائر في حاجة يطلب منه نزار أن يذكر ما يريد حالا، لأنه يحرص على استغلال الوقت فيما يعود عليه بالنفع، وليس عنده أي استعداد لإضاعة دقيقة من وقته الثمين وهذه صفة من صفات النجاح لرجال الأعمال فالوقت من ذهب عند نزار.
وهو إلى جانب نزعته العربية، وتأصل العروبة في نفسه إلا أنه يتصرف أحياناً تصرف الشعوبين في نقده الجارح لحياة العرب، ومستوى تفكيرهم، وتصرفاتهم.
فهم يركضون من غير نعال، ولا يلتقون بالخبز إلا في الخيال، وبيوتهم لم تعرف يوماً شكل الدواء، ناهيك عن وصفه لهم بأن قناعاتهم الدينية ساذجة، فهو يتحدث عن العرب بأسلوب السخرية والاستهزاء، غاسلاً يديه من هذا الشعب، ثم هو يسخر بمعتقدات الأمة والإساءة إلى رموزها العِظام، فهو وإن كان صادقاً في عاطفته العربية، إلا أنه قد أساء الأدب في مخاطبتها، وأفحش في هجائها، وهو في ذلك لم يميز بين حاكم أو محكوم، ثم هو لا يحدد الداء بدقة ويرشد إلى كيفية علاجه وإنما يتخبط في إلقاء التهم العشوائية إلى الدين واللغة والتقاليد والأخلاق، فالشاعر مهما كان غيوراً على أمته، أو متألماً لما آلت إليه أوضاعها المتردية، لا يحسن به أن ينعت بلاد الشام وهي قلعة العروبة الشامخة بـ «يهودستان»: