كتاب " دور الأديان في السلام العالمي " ، تأليف د. محمد سعيد رمضان البوطي و د.
أنت هنا
قراءة كتاب دور الأديان في السلام العالمي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
صورة الإسلام بوصفه عدواً
مع أن الظاهرة التي تشكل المرجعية موجودة منذ بدء الفكر البشري؛ فلم يوجد مصطلح «صورة العدو» إلا في القواميس الحديثة، وقد ظهرت في مرحلة هدوء الصراع بين الغرب والشرق، كما أصبحت متداولة كثيراً مع حرب الخليج الثانية. ومنذ اقتراف الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في اعتداء 11 أيلول/سبتمبر 2001 من قبل متعصبين حاقدين والخطر يقدم، بأن السياسة العالمية تقررها حقاً صورة الإسلام بوصفه عدواً، والتي تقابلها من الجانب الإسلامي - بكل بساطة - صورة الغرب بوصفه عدواً.
عن استخدام صورة العدو
«تمثل صورة العدو في قليل أو كثير كلية مكونة من الإدراكات والتصورات والمشاعر، التي تتحد على مبدأ العداوة لإنسان، أو مجموعة من الناس، أو شعوب أو دول» (هـ. نيكلاس). لا تنشأ صورة العدو هذه من الأفكار والأحكام، مثلما يبين المفهوم الإنكليزي « concept of enemy »، وهي تواجه دائماً بصورة الصديق (في الغالب من المجموعة ذاتها)، وإنما تنشأ أيضاً من الإدراكات والمشاعر والأحكام المسبقة، ولهذا السبب فإن وسائل الإعلام البصرية مهمة بصورة خاصة.
إن صورة العدو - كانت الشيوعية في الغرب سابقاً والآن الإسلام - ذات نفع كبير بالنسبة إلى كثيرين، ولها وظائف متعددة على المستوى الفردي - السيكولوجي، وعلى المستوى السياسي - الاجتماعي، مثلما يمكن ملاحظته بوصفه مثالاً ناصعاً في (الحرب ضد الإرهاب)، التي تقررها طموحات السيطرة في الولايات المتحدة الأمريكية المدعومة بفعالية قصوى من قبل وسائل إعلام الصورة:
- صورة العدو تخفف عن كاهلنا: لسنا «نحن» من يحمل الذنب (إن كنا أمريكيين أو أوربيين أو كان أصدقاؤنا الأوربيون والإسرائيليون) كلا، وإنما العدو الإسلام. بإمكاننا أن ندفع دونما أي خطر إلى الخارج مشاعر الذنب الآخذة بخناقنا ومشاعر الاحتقار، وكذلك عدوانيتنا وإحباطاتنا ونسقطها عليه. من هنا فإن صور العدو تضمن لنا فكرة كبش الفداء.
- صورة العدو ترسِّخ: إذا كنا «نحن في الغرب» غير موحدين في كثير من المواقف، فإننا مدعوون إلى العمل ضد العدو، ضد «دولة الشر» و«محور الشر». إن عدواً مشتركاً يجب أن يقوِّي التماسك، الناتو، الصداقة العابرة للأطلسي. والعدو يتيح لنا أن نقف معاً موحدين، نقصي من يمارسون النقد علينا ونستبعد الخارجين عن طوعنا.
صورة العدو تتطلب فكر الكتلة.
- صورة العدو تستقطب: من خلال اختزال الإمكانات إلى (إما أو) (من ليس معنا، فهو ضدنا). يمكن تصنيف الناس بصورة فعالة وتحويلهم إلى أدوات فيما يخص الصراع السياسي والعسكري إلى صديق وعدو، وإلى أمم «راغبة في الحرب» و«غير راغبة فيها». في أغلب الأحيان نحن لا نعرف أيضاً، مع أي من القيم نقف نحن، وإن كنا نعرف ضد أيها، ومن ثم فالجبهات واضحة تماماً. كل واحد منا يعرف أين يقف، وأين يوجد الآخر.
صورة العدو تضغط الجميع في ترسيمة صديق - عدو (مانيكانية).
- صورة العدو تفعِّل: لا المعلومة الموثوقة ولا التوجه بضروريين: المعلومات التي تأتي بها أجهزة الأمن يمكن أن تُضخَّم، تزوَّر ويتلاعب بها، ويمكن عند الضرورة أن تُخترع، نحن يحق لنا، لا بل ينبغي علينا أن نحمي أنفسنا من الآخرين، الغرباء، الأعداء، الداخليين والخارجيين. وهذا ليس فقط انعدام الثقة، وإنما عدوانية، وعند الضرورة تستخدم القوة ضد الأشياء كما الأشخاص؛ قوة فيزيولوجية، نفسية، سياسية وحتى عسكرية.
إن صور العدو تساعد على الاقتحام بصورة أفضل من العقار المتداول لوازع القتل من قبل الجنود.
ومن هنا فإن صور العدو تذكي السماح، سواء أكان ذلك للحرب الباردة أم الساخنة.
ويبقى العزاء بطبيعة الحال: ليست صور العدو أفكاراً أبدية، وليست ضرورات لا يمكن تغييرها. وهي ليست فقط قابلة للنقل، مثلما هو الحال من «الروس» إلى «العرب». كما يمكن إصلاحها: عندما يتحول الأعداء إلى أصدقاء (فرنسة - ألمانية). كما يمكن أن تفقد أهميتها (الشيوعية). نعم، يمكن أيضاً تجاوزها من خلال تركيز متجدد على مهمات مشتركة عظيمة (بسبب التهديد النووي أو بسبب الأزمة البيئية) كما يمكن أن تنتهي في جماعة ذات مصير ومسؤولية ببعد عالمي يشمل فيما يشمل الإسلام.