كتاب " بيكاسو كافيه " ، تأليف سامية العطعوط ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب بيكاسو كافيه
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بيكاسو كافيه
كان يجب أن أطلقَ سهامي السّامة، في وجه من يفتح فاهُ لانتقادي.. ولكنني كنت جبانة، تختبئ تحت معطفٍ جلديٍ أسود اللون وفاخر.
دخلتُ البار على عجل، وقد ألمّ بي مغصٌ حادّ لم أعرف سببه. ربما سأجهض.
قال بيكاسو إنه سيرسمني عارية بالألوان، كي أظلّ ذكرى في عيون محبّيه، لكنني رفضتُ بشدّة واستخفافٍ، أن أصبح لوحة تُباع وتُشترى بالملايين التي لن تفيدني في شيء، وشتمتُه بل وصرختُ في وجهه. وهكذا كان، فلم يعتبرني أحدٌ من النقاد من إحدى نسائه، وظللتُ مجهولةً أعيش في الظلّ، بينما تألقتِ الأخريات.
قررتُ أن ألقّنه درساً في الصعلكة، كي لا يقول عني أرستقراطية بدمٍ بارد. فتعرّيتُ في البار ورقصتُ فوق إحدى الموائد، وجمعت من حولي المعجبين وحتى المعجبات، وحين بدأتْ آخرُ خيوط الليل تغادرنا، صحوت. واكتشفتُ أنني أستلقي إلى جواره في بيتٍ متداعٍ، بينما كان يجلس على مقعده يحاول أولى خربشاته في الرسم. في المقهى ذاته
كان الرجل الطويل يجلس في المقهى ذاته، على المائدة نفسها والمقعد نفسه، يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، حتى مللتُ من وجوده. وكلّما ذهبت إلى هناك، أجده قد سبَقني. كان يختار أفضل مائدة وكرسي ليجلس عليهما، في المكان الاستراتيجي، المواجه لشاشة التلفاز المعلقة على الجدار المقابل. كان يشاهد كل شيء، بدءاً بالمسلسلات التركية والأخبار ومباريات كرة القدم وليس انتهاء بالدوري الإسباني. كان يتابع كل حركة في المقهى، بينما كنتُ أجلس إلى المائدة الجانبية من خلفه، وأشعر بالاستياء من ظهره الذي يتضخم يوماً بعد يوم ويحجب عني الرؤية، أو هكذا هُيء إليّ..