كتاب " بيكاسو كافيه " ، تأليف سامية العطعوط ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب بيكاسو كافيه
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بيكاسو كافيه
وذهبَ من دون أن يلتفت إلى دهشتي.. !
صفعتُ خدي .. لعلِّي أحلم، من المؤكد أنني أحلم، لكن الصفعة آلمتني كثيراً، فحملتُ الخشبتين/ العكازين وخرجتُ وأنا أتعوّذ وأبسمل وأحوقل، وأشتمُ الساعة التي دخلتُ فيها إلى هذا المقهى اللعين.. المقهى الخشبي المجنون..
في الخارج، كانت المدينة بأسرها تسير مسرعةً على عكاكيز خشبية، تطرق الأرض هنا وهناك، الناس يسيرون ويصرخون من شدة الألم. كان المنظر مدهشاً جداً، ولا أحد يحرّك ساكناً. وحين اقتربتُ من بيتي، سمعت هديراً صاخباً يتقدم نحوي.. التفتُّ، فرأيت النيران تشتعل في كل مكان، وألسنة اللهب تتقدم مسرعة على غفلة منا، غير عابئة بعكاكيزنا...!! كافكا في المدينة
هنا، في هذا المقهى بالذات، حيث الأثاثُ داكن اللون، ورطوبةُ الجوّ خانقة، لا تفيد معها مراوح معلقة في السقف أو في رأسي.. هنا، يدخلُ الكتّاب والشعراء تباعاً..
في هذا المقهى بالذات، يأتي الكتّاب في كل يوم، الكتّاب الأموات، الأموات الذين يعلّقون رؤوسهم على مشاجب ستراتهم، ويدخلون في صخبٍ لا معقول، الصخب الذي يفضح سكينة القهوة الناعمة ويؤرّق أكواب الشاي الحمقى، أكواب الشاي التي تتحطم داخل رأسي.. هذا المقهى الذي يأتيه الكتّاب الأموات ما كان يوماً هنا أو هناك.. ما كان في عمان أو بيروت أو دمشق أو القاهرة أو مرّاكش.. إنه المقهى الذي قصفتْه الطائراتُ وحطّمتهُ فوق رأسي قبل بضعة أعوام.. ومنذ ذلك الوقت وأنا أستقبل الكتّاب الأموات هنا، يجيئون إليّ، يجلسون تحتي يستفيئون بظلّي وأعضائي وأوراقي ولا يعرفون أنني كنتُ في يوم من الأيام واحداً منهم... أفاعي