قراءة كتاب قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير

كتاب " قتل الملاك في بابل _ المفكر والناقد قاسم عبد الأمير " ، تأليف علي عبد الأمير عجام ، والذي صدر عن دار المؤسسة للدراسات والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

اعتقال سياسي مبكّر

وذلك الاعتقال السياسي في الواقع كان الانعطافة الحاسمة في مجرى حياتي إذ غيرها جذرياً وإلى الأبد، فقد كنت أهيئ نفسي للتفوق ودخول كلية الطب، وبالفعل كنت دخلت الامتحان الوزاري عام 1961 بمعدل 87% إلا أن هذا الاعتقال قبل الامتحان بشهر أو أكثر قليلاً (1 / 5 / 1961) حرمني من أداء الامتحان بصورة طبيعية، إذ أديته وأنا موقوف وبعد مساع مضنية للموافقة عليه، غير أن دائرة أمن المسيب وقتها حرمتني من إدخال الكتب المدرسية رغم موافقة القاضي، على ذلك، ولكن قبل الامتحان بيومين أو ثلاثة فقط !!!

وهكذا بدلاً من أن تساعدني أصبحت مصدر إرباك لي، خاصة وإن موضوعاً كاملاً لم نكن قد درسناه في المدرسة حين اعتقلت وهو الهندسة التحليلية، وهكذا صرت أكتفي بتقليب الكتاب ليلة الامتحان معتمداً على الذاكرة والتحضير اليومي، وأهملت الإجابة في امتحان الفيزياء، لكنني عاودت الامتحان في الدور الثاني لأجتازه، ولكن بمعدل 68% فقط فكان أن انتهى حلمي بالطب، وانتهى حلم مدرستي بحصولي أو زميلي عصام على الدرجة العليا في مدارس اللواء·

وبينما نجح زميلي عصام صالح الجنابي وحقق حلمه بكلية الطب، وهو الآن (اللواء الطبيب عصام صالح الجنابي) لم يتح لي معدلي أكثر من كلية الزراعة، ولكنني قررت فيها التعويض عما فات فكنت من أوائل طلابها للسنوات الأربع، ثم الخريج الأول في قسم التربة والمحاصيل الحقلية، ثم حاصلا منها على الماجستير في أحياء التربة المجهرية عام 1977 بتقدير امتياز، والحق أن إحساسا بالخيبة حاصرني بعد ضياع حلم دراسة الطب، فلم أجد في الحياة الجامعية التي قسمت لي في كلية الزراعة ما كنت أتمناه، سواء لخصوصية هذه الكلية وتخصصها أو لموقعها خارج بغداد· غير أني لم ألبث أن حاسبت نفسي وقلبت الأمر عقليا فرأيت أني مهدد بضياع ما لدي أيضا إذا بقيت مشدودا لما ضاع من قبل·· وأن من الحكمة والشجاعة هو البدء والتعويض عما فات بتفوق جديد، لا سيما وأن في العلوم الزراعية آفاقا وموضوعات تحتاج للمزيد من البحث، وهذا ما فعلته، فكان ذلك التفوق الذي أشرت إليه والذي كان في الواقع شيئا يشبه المعجزة !

أجل·· ما يشبه المعجزة فقد جربت الاعتقال السياسي مرتين· الاولى سنة 3691 في سنتي الجامعية الأولى في بغداد، والثانية في العطلة الصيفية (تموز 1963) حتى بعد شهر أو شهرين من بدء الدراسة في الكلية، وبعد كل من المرتين أعود فأنكب على كتبي ويعينني زملائي في نقل المواد ورسم المخططات، فأتفوق في السنة الأولى وأتفوق بدرجة أكبر في السنة الثانية، مما أشعل حماستي وبث روحا انصرفت بوحيها إلى دراستي وكأنها اختياري الأساسي وبث بي روحا انصرفت بوحيها إلى دراستي وكأنها اختياري الأساسي فتكشفت لي في هذه الكلية جوانب ما أشد حبي لها !

وما أشد تعلقي بها الآن سواء في المكان وجغرافيته أو في علاقاتي بالزملاء وبعض الأساتذة، وبطريقة أو بأخرى نظمت علاقتي بمدينة بغداد وجوانبها الثقافية، ورحت أستثمر موقعي لتنمية قدراتي العلمية والأدبية معا·· وخلال سنوات الجامعة صارت مكتبتي الخاصة تنمو وباستمرار وتنوع·

الصفحات