أنت هنا

قراءة كتاب مسائل الاعتقاد عند ابن عطية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مسائل الاعتقاد عند ابن عطية

مسائل الاعتقاد عند ابن عطية

كتاب " مسائل الاعتقاد عند ابن عطية  " ، تأليف د.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 8

ثانياً: آثاره العلمية

ترك ابن عطية أثرين علميين فيما وصل الينا؛ أحدهما (فهرسه) الذي تحدث فيه عن شيوخه, والثاني: هو تفسيره الشهير (بالمحرر الوجيز). ويبدو أن له آثاراً أخرى غير هذين الكتابين، ولكن لم يصل الينا منها شيء إلى الآن. ودليل ذلك أن القضاعي صاحب كتاب التكملة، وكتاب المعجم، قال عند ترجمته لأبي محمد الرشاطي (وهو محمد بن عبد الله بن علي محدث بلاد الأندلس، وصاحب كتب الأنساب): "..وله كتاب إظهار فساد الاعتقاد ببيان سمو الانتقاد رد فيه على أبي محمد عبد الحق بن عطية، وانتصر لنفسه لما تعقب عليه مواضع من كتابه الكبير في النسب"([21]). وهذا النص يدل على أن للقاضي ابن عطية كتاب كبير في التفسير، ولم يظهر إلى الآن.

والذي يظهر أن انشغال ابن عطية بالجهاد تارة، وذلك أنه عاش في دولة المرابطين التي كثر فيها جهاد أعداء الله الصليبين، وقد شارك في أكثر من معركة منها([22]), وبالقضاء تارة أخرى, ثم تفرغه لتفسيره العظيم, كان سبباً مانعاًً من كثرة آثاره العلمية، لانشغاله به أكثر وقته.

والحقيقة أن تفسيره يكفي أن يكون أثراً علمياً له، أفاد منه وما زال يفيد منه كل من جاء بعده من أمثال الأئمة القرطبي والثعالبي، وابن عاشور، وغيرهم.

وللحديث عن تفسيره لا بد من الإشارة إلى ما يأتي:

1- كان تفسير ابن عطية الذي وسمه بالمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز, زاخراً بالعلوم الشرعية، والاعتقادية واللغوية, ولذا وجد اهتماماً كبيراً من الباحثين.

2- وقد كان هذا التفسير العظيم نبراساً في حياة ابن عطية، وذكراً حسناً له بعد وفاته بما وفقه الله تعالى فيه من جليل العبر, وغزارة الفكر.

3- كما اختار ابن عطية علم الكتاب لأسباب يحدث عنها في مقدمة تفسيره فيقول:
"فلما أردت أن أختار لنفسي, وانظر في علم أعِدّ أنواره لظلم رمسي, سبرتها بالتنويع والتقسيم([23]), وعلمت أن شرف العلم على قدر شرف المعلوم, فوجدت أمتنها حبالاً, وأرسخها جبالاً, وأجملها آثاراً, وأسطعها أنواراً: علم كتاب الله جلّت قدرته, وتقدست أسماؤه" ([24]).

4- نهج ابن عطية في تفسير كتاب الله عز وجل منهجاً ذكره في تفسيره بقوله: "وقصدت أن يكون جامعاً وجيزاً, لا أذكر من القصص إلا ما تنفك الآية إلا به, وأثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على ما تلقى السلف الصالح رضوان الله عليهم كتاب الله تعالى من مقاصد العربية السليمة من إلحاد أهل القول بالرموز, وأهل القول بعلم الباطن وغيرهم, فمتى وقع لأحد من العلماء الذين حازوا حسن الظن بهم لفظ ينحو إلى شيء من أغراض الملحدين نبهت إليه وسردت التفسير في هذا التعليق بحسب رتبة ألفاظ الآية: من حكم, أو نحو, أو لغة, أو معنى, أو قراءة, وقصدت تتبع الألفاظ حتى لا يقع طفر كما في كثير من كتب التفسير(...) وقصدت ايراد جميع القراءات مستعملها وشاذها، واعتمدت تبيين المعاني وجميع محتملات الالفاظ، كل ذلك بحسب جهدي، وما انتهى إليه علمي، وعلى غاية الإيجاز وحذف فضول القول" ([25]).

5- وصف تفسيره: بدأ ابن عطية تفسيره بمقدمة، بين فيها شرف دراسة علم الكتاب, ثم بيّن خطته أو منهجه بإجمال في تفسيره, وعرض بعد ذلك للحديث عن ما ورد عن النبي r وعن الصحابة, ونبهاء العلماء رضي الله عنهم في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به.

ثم عقد باباً في فضل تفسير القرآن, والكلام على لغته والنظر في إعرابه ورقائق معانيه, ذاكراً الأدلة على ضرورة تعلم آيات القرآن الكريم، ومعرفة أسباب نزولها وما يتعلق بها. ثم عقد باباً فيما قيل في الكلام في التفسير والجرأة عليه، ومراتب المفسرين، وذكر فيه أهمية التفسير، منوها على فضل الإمام الطبري في جمع أشتات التفسير.

ثم بين رحمه الله معنى قول النبي : "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه"([26])، ذاكراً أقوال العلماء في المقصود بهذا الحديث، ورجح أن يكون المقصود به "أن القرآن أنزل على سبع لغات لسبع قبائل انبث فيه من كل لغة منها، وهو بهذا يؤيد ما ذهب إليه القاضي الباقلاني في أخر أقواله: "إن ما صح وترتب من جهة اختلاف لغات العرب الذين أنزل القرآن بلسانهم، وهو اختلاف ليس بشديد التباين. ....والشرط الذي يصح به هذا القول هو أن تروى عن النبي " ([27]).

ثم ذكر رحمه الله باباً في ذكر جمع القرآن، وشكله ونقطه، وتحزيبه وتعشيره، وتحدث فيه عن أن القرآن كان مفرقاً، وكيف جمع ثم نسخ، والتاريخ في ذلك.

ثم ذكر باباً في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق، وذكر اختلاف الناس في هذه المسألة فقال: "قال أبو عبيدة: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة، وذهب الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس منه لفظة إلا وهي عربية صريحة"([28])، ورأي ابن عطية في هذا، أن القرآن الكريم نزل بلغة عربية، فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر، وأما الألفاظ التي يقال بعجمتها فهي مما دخل اللغة العربية واستعمتله العرب أشعارها ومحاوراتها، فهي ألفاظ معربة، وهي بهذا عربية([29]).

ثم تحدث رحمه الله عن إعجاز القرآن الكريم، والألفاظ التي فيها إيجاز، ومعنى القرآن والسورة والآية، وتفسير الاستعاذة والتسمية، ثم الشروع في تفسير سور القرآن الكريم بحسب ترتيب المصحف.

6- القيمة العلمية لتفسيره: لقد برزت القيمة العلمية لتفسير ابن عطية من خلال حديث العلماء الذين جاءوا بعده، والذين وصفوه بأروع الأوصاف، وأجمع العبارات، ومن ذلك؛ ما يقوله صاحب بغية الملتمس، وهو ممن عاش في نهاية القرن السادس الهجري :"ألف ابن عطية في التفسير كتابا ضخما أربى فيه على كل متقدم"([30]). وقد أثنى على هذا الكتاب كل من ترجم لابن عطية، ومن المفسرين من سلك دربه وتأثر به، بل ونقل عنه كثيرا ًمن آرائه سواء أحال أم لم يحل، ومن هؤلاء الإمام القرطبي، الذي كان كثيراً ما يستشهد بآراء ابن عطية، وبما يزيد عن ثماني مائة مرة، منها على سبيل المثال قوله عند تفسير قول الله تعالى" فالله يحكم بينكم يوم القيامة" قال:" قال ابن عطية: بهذا قال جميع أهل التأويل"([31]) والإمام أبو حيان الأندلسي، الذي زاد استشهاده بآراء ابن عطية أكثر من ألف مرة، منها قوله:" قال ابن عطية: يحتمل أن يكون المرصاد في الآية اسم فاعل كأنه قال لبالمرصاد فعبر ببناء المبالغة"([32])، والثعالبي الذي اختصر تفسير ابن عطية في جزئين هما تفسيره المعروف بالجواهر الحسان، وغيرهم.

ومن المعاصرين من تأثر بابن عطية، مثل ابن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير والذي كثيراً ما نسب من الآراء لابن عطية.

وقد وصف ابن خلدون في مقدمته تفسير المحرر بقوله: "وهو تفسير مختصر للتفاسير بالمنقول، ملخص لها، مع العناية الفائقة في التحقيق والتمحيص والتحري بما هو أقرب للصحة والصواب، حسن المنحى"([33]).

ولعظمة هذا التفسير فقد ذكره ابن تيمية مادحاً له، مع أن ابن تيمية أتهم ابن عطية بالقرب إلى أصول المعتزلة، ولكن مع ذلك قال "وتفسير ابن عطية، وأمثاله.

أتبع للسنة والجماعة، وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري"([34]).

وفي نفح الطيب: "ولأبي محمد بن عطية الغرناطي في تفسير القرآن، الكتاب الذي أشتهر، وطار في الغرب والشرق، وصاحبه من فضلاء المائة السادسة" ([35]).

7- ميزات تفسيره: يتميز تفسير ابن عطية فيما يأتي:

1- الأمانة العلمية في نسب الأقوال لأصاحبها.

2- اهتمامه بالقراءات القرآنية في توجيه التفسير.

جـ- محاولته جمع الآراء المتناقضة، ودفع التعارض بينها، وبالتالي تصحيح الآراء المختلفة وفق وجهات النظر، وبدون أن يخل ذلك بالنص القرآني.

4- عدم ذكره للقصص غير الصحيح، والتنبيه على الإسرائيليات غالباَ، وإذا ذكر شيئا َمن القصص غير الثابت، فإنه مقل في ذلك، ويعلل ذكره بأنه جاء بما تنفك به الآية فقط.

هـ- إذا رجح قولاً من الأقوال فإنه يذكر الأدلة عليه.

6- في معظم تفسيره كان -رحمه الله- يبين المواضع التي فيها اعتزال تنبيها ًعليها، وكان في معظمها راداَ على أفكارها، مرجحاًَ لمذهب أهل السنة.

7- يسند بعض أقواله خصوصاَ ما نقله عن أبيه.

حـ- يهتم كثيراَ بالمسائل العقدية، وبذكر الآراء فيها. ويوجهها مستدلا َعلى الصحيح، راداً غير الصحيح منها.

وهذا المنهج أعطى قيمة علمية لتفسيره، ساعدني في دراسة موضوعي.

ولكل ما سبق بيانه تظهر القيمة الحقيقة لتفسير ابن عطية.

8- منهجه العام في تفسيره: ذكر فايد أن تفسير ابن عطية يقوم على أسس ثمانية هي:

أولاً: جمعه في تفسيره بين المأثور والرأي([36])، ولهذا إذا ما ذكرت التفاسير التي تجمع بين المأثور والرأي عدَّ تفسير ابن عطية منها، وقد ذكر الفايد أمثلة من تفسير ابن عطية بين فيها كيف استخدم ابن عطية ثقافته الحديثية في شرح الآيات القرآنية، ومن ذلك ذكره لحديث رؤية الله تعالى عند تفسيره لآيات الرؤية([37]). وعن تفسيره بالرأي ذكر الفايد أيضاً أن ابن عطية كان يحاول التوفيق بين الآراء المختلفة في المسألة الواحدة، وسيأتي كثير من هذا في هذه الأطروحة في موضعه.

ثانياً: اتجاهه إلى اللغة والنحو([38])، وقد أكثر من ذلك حتى أنه كتب فيه رسالة دكتوراه في القضايا اللغوية في تفسيره.

ثالثاً: نظرته الصادقة في توجيه القراءات([39]): سواء أكانت هذه القرآءات مستعملة أم شاذة، إلا أن ابن عطية- كما يرى الفايد - قد التزم بالقواعد اللازمة التي وضعها علماء الأمة باعتبار القراءة مقبولة، وهي: "أن توافق القراءة العربية بوجه، وأن توافق أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً، وأن يصح إسنادها"([40]).

رابعاً: مسلكه في عرض الأحكام الفقهية([41]): وقد امتاز ابن عطية بترجيح آراء المالكية، وهذا أمر ليس بالغريب، فدولة المرابطين في المغرب كانت تمتاز بالمذهبية لمالك رحمه الله.

خامساً: حيطته في الأخذ بالإسرائيليات([42])، حيث كان رحمه الله يحرص على عدم ذكر أي من القصص التي يشكك فيها أو لا تصح عنده لسبب من الأسباب، وفي متن هذه الأطروحة سيظهر ذلك.

سادساً: محاربته للتفسير الرمزي والقول بالباطن([43])، حيث رفض كثيراً من التأويلات لآيات في القران الكريم .

سابعاً: رأيه في إعجاز القرآن الكريم([44]): ذكر الفايد أن ابن عطية يرى أن إعجاز القران هو فقط الإعجاز البياني، وأنه رفض ما يسمى بالإعجاز الغيبي([45])، والحق أن ما ذهب إليه الفايد في هذه المسألة ليس دقيقاً، فابن عطية اعتبر أن إعجاز القرآن هو بوجهين: بياني، وغيبي، وستوضح هذه المسألة والرد على الفايد في موضعها في هذه الأطروحة عند الحديث عن أوجه إعجاز القرآن عند ابن عطية.

ثامناً: إقلاله من الأسرار البيانية في تفسيره، وقد بين الفايد أن السبب في ذلك هو أن المغاربة لم يهتموا بعلوم البيان، وذكر سبباً آخر هو أن ابن عطية ضيق دائرة المجاز في القرآن الكريم، وقد ضرب الفايد على ذلك مثلاُ تفسير ابن عطية للميزان على أنه الميزان الحقيقي، وليس العدل. والحق أنه وبعد استقراء تفسير ابن عطية فإنه يكثر من المجاز، وهذا سيظهر إبّان بيان آرائه العقدية، ولا يعدو المثال الذي ذكره الفايد عن أن ابن عطية ذهب مذهب أهل السنة في أن الميزان هو على الحقيقة.

9- شبهات على تفسير ابن عطية: اتهم بعض العلماء ابن عطية، بالاعتزال أو القرب من الاعتزال، ولم يوفق من اتهم ابن عطية بالاعتزال من جانبين:

- الجانب الأول: أنه أتهمه من غير أن يطلع على تفسيره.

- الجانب الثاني: أنه اتهمه ولم يفهم مقصده من الكلام في المسألة التي اتهمه بها.

ومن المتهمين لابن عطية، ابن حجر الهيتمي(بالتاء)، فقد سئل عن تفسير ابن عطية هل فيه اعتزال؟ فكان جوابه: "نعم , فيه شيء كثير, ونقل قولاً نسبه لابن عرفة المالكي: يخشى على المبتدئ منه أكثر ما يخاف من كشاف الزمخشري؛ لأن الزمخشري لما علمت الناس منه أنه مبتدع, تخوّفوا منه, واشتهر أمره بين الناس بما فيه منه الاعتزال, ومخالفة الصواب, وأكثروا من تبديعه وتضليله, وتقبيحه وتجهيله, وابن عطية سني, لكن لا يزال يدخل من كلام بعض المعتزلة ما هو من اعتزاله في التفسير ثم يقرّه ولا ينبه عليه, ويعتقد أنه من أهل السنة, وأن ما ذكره من مذهبهم الجاري على أصولهم, وليس الأمر كذلك, فكان ضرر تفسير ابن عطية أشدّ وأعظم على الناس من ضرر الكشاف"([46]).

والظاهر من كلام الهيتمي اتهام ابن عطية ليس بالاعتزال فقط, بل إنه يدس نصوصاً اعتزالية حتى لا يشعر الناس بها ويظنون أنها من كلام أهل السنة!

ولا أدري هل قرأ ابن حجر الهيتمي تفسير ابن عطية أم أنه اعتمد على قول ابن عرفة فقط ؟بدليل أنه لم يأت بمثال واحد من تفسير ابن عطية يدل على ما ذهب إليه! ولأن القارئ لتفسير ابن عطية يجده على عكس ما قاله الهيتمي؛ حيث يجد شدّته على المعتزلة , ونبذه لآرائهم, بل ورفضه لأقوال بعض أهل السنة ممن يشتبه أن يكون في قوله شبهة اعتزال, وفي تفسيره للآيات المتعلقة بالعقيدة أمثلة كثيرة على رفض هذه التهمة.

وقد نسب إلى الإمام ابن تيمية أنه يتهم ابن عطية بالاعتزال، ولم أجد في نص ابن تيمية ما يشير إلى هذا الاتهام، ونصه في كتابه: مقدمة في أصول التفسير،: "تفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة والجماعة، وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجه، لكان أحسن وأجمل فإنه كثيراَ ما ينقل من تفسير الطبري، وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدراَ، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كان أقرب إلى السنة من المعتزلة"([47]). بل ان ابن تيمية يؤكد في نصه هذا على أن ابن عطية أقرب إلى السنة منه إلى المعتزلة. ولكن قد يؤخذ على شيخ الاسلام رحمه الله أنه يأخذ على ابن عطية أنه يترك قول السلف، ويأخذ ما شابه قواعد المعتزلة في تحقيق أصولهم، وهو هنا يشير إلى الأشاعرة الذين قرروا أصولهم وفق قواعد كلامية.

وهذا مما لا يعاب على ابن عطية؛ لأنه حدد وجهة نظره في مسائل الاعتقاد وفق مدرسة ارتضاها ومنهج سار عليه. وكما أنه يحق لابن تيمية رحمه الله أن يأخذ بما شاء فإن لابن عطية ذلك أيضاً. علماً أن ابن عطية لم يترك قضية نقلها من أحد من العلماء فيها شبهة اعتزال، وليس الاعتزال واضحاً، إلا أشار ونبّه إليها, وكثيراً ما نرى في تفسيره عبارة: "وفي هذا نزعة اعتزال", بل إنه كثيراً ما رد على المعتزلة, كما سيتضح في موضعه.

وقد قام الفايد في رسالته بعقد فصل في الرد على الشبهات الواردة على اتهام ابن عطية بالاعتزال ورد عليها، علماً أن الفايد لم يطلع على كل تفسير ابن عطية كما يصرح هو بذلك([48])، وبالتالي فإنه يوجد أمثلة أخرى في رد ابن عطية على آراء المعتزلة، وسأقوم بذكرها وبيانها كل واحدة في موضعها.

الصفحات