كتاب " بابا عمرو " ، تأليف مصطفى الصوفي .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب بابا عمرو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بابا عمرو
نسبة الجامع والقرية إلى عمرو...
من أهم آثار هذه القرية التّاريخيّة جامع بابا عمرو القديم الّذي يضمّ ضريح الصّحابيّ الجليل والفارس والشّاعر المخضرم عمرو بن معدي كرب الزّبيديّ، وهذا على قول وتأكيد سواد النّاس وعامّتهم في تلك المنطقة، وقد سمي الجامع على اسمه جامع عمرو .....واسم القرية باباعمرو ...
فمن أين جاءت هذه النّسبة باباعمرو، وكيف ترسخ في أذهان الناس أن الضريح هو للصحابي عمرو ....؟
كانت مهمة الكشف عن هذه الحقائق من أصعب المهام وتحتاج إلى بذل جهد كبير
ومراجعة الكثير من الكتب التاريخية التي توثق لهذه المنطقة مدينة حمص وما حولها بالإضافة إلى دراسة ما بين أيدينا من وثائق أو مكتشفات أثرية وهي قليلة أو نادرة واستنتاج المعلومات التاريخية منها للوصول إلى معرفة تقارب الحقيقة والوقائع السائدة في أذهان الناس ...
وبعد فترة استمرت شهور قاربت العام من الدراسة والمراجعة والبحث والتدقيق توصلت إلى نتائج مهمة لم تكن إجمالاً لصالح الذاكرة الشعبية عما ترسخ فيها من مرويات عن قرية باباعمرو وعن جامعها وعن حقيقة نسبة الضريح الموجود في الجامع إلى الصحابي عمرو بن معدي كرب الزبيدي ...
فيبدو أن نسبة الجامع أو الضريح إلى عمرو ليست قديمة كثيراً بل هي غالبا وليدة مطلع القرن العشرين أو نهاية القرن التاسع عشر على أبعد تقدير، وذاكرة الرجال المسنّين من أهل تلك القرية لا تملك من تاريخ الجامع أية وثائق أو معلومات تاريخية مؤكدة وموثقة تثبت حقيقة نسبة الضريح إلى صاحبه.
وقد حكى لي بعضهم منهم قريبي الحاج ابو ذكور وهو شاهد عيان على ذلك أنّ حقيقة الضّريح أثارت جدلاً واسعاً بين النّاس في باباعمرو والوجهاء وأهل العلم من المدينة في الأربعينات من القرن الماضي موضوعه نسبة الضريح إلى الصحابي عمرو .....
ولحسم هذا الجدل قامت مجموعة من كبار أهل باباعمرو بنبش القبر والكشف عليه، وقبل الوصول إلى الّلحد وجدوا لوحةً صخريّةً، نقش عليها كلمتان اثنتان فقط وهما ( عمرو الزّبيديّ )، وبعض الكلمات الأخرى والتاريخ مطموسة الأحرف والأرقام وغير مقروءة ..
ويبدو أنّ هذه الّلوحة جزء صغير من لوحة أكبر، لم يتمّ العثور عليها وقتئذ، أو ربما لم يهتموا بالبحث عن بقيتها، فرأى بعض هؤلاء أنّ في هذا الجزء من الّلوحة دليلاً قاطعاً على نسبة الضّريح إلى ذلك الصّحابيّ الجليل...
وقد كان يرى بعضهم ومنهم مفتي حمص الشيخ طاهر الرئيس أنّ هذا الضّريح هو لأحد مشايخ التّركمان، وطالب أهل باباعمرو بإزالة اسم عمرو الصحابي عن الضريح مما سبب الجدل السابق والنتيجة المذكورة...
والمعروف أنّ أغلب سكّان بابا عمرو كسكّان مدينة حمص(4) من التّركمان الّذين هاجروا من بلاد وسط آسيا، واستوطنوا أرجاء حمص خلال الحروب الصّليبيّة والغزو المغوليّ، والمدينة نفسها وقتئذ مركز رئيس لتجمّع العساكر الإسلاميّة وموقع استراتيجيّ مهمّ لمختلف الجيوش فكان من الطبيعي أن يعتقد بعضهم أن الضريح لأحد مشايخ أو وجهاء التركمان.
وبما أنّ ذاكرة النّاس مضطربة في نسبة هذا الضّريح إلى صاحبه، ولم يستكمل البحث والتنقيب في الضريح وليتهم استكملوه، فإننا نحتاج إلى معلومات أكثر توثيقاُ ومصداقية ربما نجدها في بطون الكتب والمراجع التاريخية ...
ولكن للأسف بعد مراجعة مجموعة كبيرة من كتب التاريخ الإسلامي وتاريخ مدينة حمص والكتب التي ذكرت ضريح الصحابي عمرو أوقرية بابا عمرو
لاحظت أنّ معلومات تلك المصادر المتوفرة لم تذكر باباعمرو والجامع والضريح إلا خلال القرون الثّلاثة الماضية فقط، وأن المعلومات مضطربة ومتناقضة إلى حدّ كبير وخاصة في نسبة الضريح،
فالشّيخ عبد الغني النّابلسيّ في كتابه ( الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشّام والحجاز) يذكر عام 1130 هـ : " أنّه مرّ على قرية بابا عمرو، وفيها جامع بابا عمرو وضريح الصّحابيّ عمرو بن عبسة "(5) .