قراءة كتاب لورنس في بلاد العرب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لورنس في بلاد العرب

لورنس في بلاد العرب

لم تكن الإنجازات المذهلة لثوماس ادوارد لورانس، ذلك الشاب خريج جامعة أكسفورد، معروفة للناس عند انتهاء الحرب العالمية الأولى.

تقييمك:
4.666665
Average: 4.7 (3 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
إن أبناء إسماعيل البدو جميعهم يطلقون لحاهم كما كان أسلافهم يفعلون في الماضي. أما هذا الشاب الذي يضع خنجراً معقوفاً على خصره، فقد كان حليق الوجه. وكان يمشي بسرعة ويداه مطويتان وعيناه الزرقاوان غفلتا، بل ونسيتا بيئته الأصلية، وبدا وكأنه غارق في تأمل وتفكير داخلي.
 
كان انطباعي الأول عنه عندما نظرت إلى وجهه أنه ربما كان واحداً من الحواريين الشبان عاد إلى الحياة. فقد كانت تعابيره صافية وهادئة.
 
«من هو؟» سألت ملتفتا بتشوق نحو التركي الجشع، الذي أمكنه فقط اعتباره سائحاً انجليزياً صغيراً.
 
ورغم أنني كنت متأكداً أن بإمكاني الحصول على بعض المعلومات عنه من الجنرال ستورز، حاكم المدينة المقدسة إلا أنني قلت في نفسي: «من يمكن أن يكون؟» ولذلك فقد تحولت باتجاه قصر الحاكم الذي يقع خلف الجدار القديم بجانب حائط سليمان.
 
كان الحاكم هو الجنرال رونالد ستورز، الخليفة البريطاني لبونتيوس بيلات، وكان السكرتير الشرقي للمعتمد البريطاني في مصر قبل سقوط القدس بيد الانجليز، وحافظ لسنوات على علاقات حميمة مع سكان فلسطين. وكان يتكلم العبرية، واليونانية، واللاتينية، والعربية بنفس الطلاقة التي يتحدث بها اللغة الانجليزية. لقد كنت متأكدا أن بإمكانه أن يحدثني بشيء ما عن ذلك البدوي الأشقر الغامض.
 
قلت: «من هو هذا الشخص أزرق العينين، ذو الشعر الأشقر الذي يتجول في الأسواق وهو يضع حول خصره خنجرا معقوفا، الأمير.....؟».
 
ولم يدعني الجنرال حتى أن أنهي سؤالي بل إنه فتح بهدوء باب غرفة مجاورة. حيث كان يجلس هناك على نفس الطاولة فون فالكنهاين (الجنرال الألماني) ليعد خطته الفاشلة لهزيمة اللنبي، وكان الأمير البدوي يجلس هناك حينئذ، منشغلاً بعمق، ومتأملاً في كتاب كبير عن علم الآثار.
 
وعند تقديمه لي قال الحاكم: «أريدك أن تتعرف على الكولونيل لورنس، الملك غير المتوج».
 
وصافحني بخجل وبمزاج منعزل، كما لو أن فكره كان منشغلاً بكنز مدفون وليس بالأمور الحالية للعالم وقتذاك، والذي كان مليئا بالحملات العسكرية والحرب. وكانت تلك أول مرة تعرفت فيها على واحد من أكثر الشخصيات الخلابة للعصر الحديث، رجل يمكن أن يوصف على صفحات الكتب الرومانسية التاريخية جنباً إلى جنب مع كل من راليبح، دراك، كليف وجوردون(1).
 
كانت سنوات الحرب العالمية متخمة بالأحداث الملحمية، وخلال تلك الأحداث كان هناك شخصان بارزان جداً، مغامران ومندفعان، وظهرت حكايات نادرة عن أعمالهما يمكن أن تزود كُتّاب المستقبل بمواضيع ذهبية، كروايات حياة كل من يوليوس، والملك آرثر، وريتشارد قلب الأسد وما قدمته تلك الروايات للشعراء، والمؤرخين فيما بعد. وأول هذين الشخصين رجل طويل القامة جداً، يبلغ طوله ستة أقدام، وذو فك مربع، إنه قائد الفرسان البريطاني الباهر، الفيلد مارشال فيكاونت اللنبي، قائد الصليبيين للقرن العشرين، الذي اكتسب شهرة عالمية بسبب إخراجه الأتراك من الأرض المقدسة وتحقيق حلم الأجيال. والشخص الآخر هو ذلك الشاب حليق الوجه والذي رأيته مستغرقاً في بحثه الفني الأثري عن النقوش المسمارية التي اكتشفت على حجارة الآجر للعصر البابلي القديم، والذي كانت اهتماماته الرئيسية في الحياة: الشعر وعلم الآثار.

الصفحات