قراءة كتاب لورنس في بلاد العرب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لورنس في بلاد العرب

لورنس في بلاد العرب

لم تكن الإنجازات المذهلة لثوماس ادوارد لورانس، ذلك الشاب خريج جامعة أكسفورد، معروفة للناس عند انتهاء الحرب العالمية الأولى.

تقييمك:
4.666665
Average: 4.7 (3 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
إن حياته كلها كانت غير منتظمة بل وشاذة، فقد قضى معظمها كرجل قبيلة شرس يعيش في الصحراء العربية، إلا أنه من جانب آخر أتم إنجاز ما هو مطلوب منه من فروض السنوات الأربع لنيل درجة البكالوريوس في ثلاث سنوات فقط، ومع ذلك فهو لم يحضر أبداً محاضرة واحدة في جامعة أكسفورد. وكان يعمل مع معلميه من فترة لأخرى وبشكل متقطع، إلاّ انه أمضى معظم وقته متجولاً حول انجلترا ماشياً على الأقدام، أو كان يقرأ أدب القرون الوسطى. وعندما يكون لوحده فغالباً ما كان ينام في النهار ومن ثم يقرأ طيلة الليل.
 
ولقد كان معارضاً تماماً لأي نظام تعليمي موضوع. وقد عاتب البروفيسور مس بغضب صموئيل جونسون، أحد أساتذته، عندما كان طالباً في جامعة أكسفورد، بقوله: «ذلك الشاب، يطوي الآن كتبك بإتقان ويمتلك مخزونا من المعرفة»، فقد كان غير مسرور من الشاب لورنس. ففكرة الحصول على تعليم جامعي من أجل الحصول على مهنة تقليدية لم تكن لتسره تماماً. فمبدؤه اللاواعي منذ طفولته المبكرة جداً، مثلما قال روبرت لويس ستيفنسون(2)، كان يبدو عبارة عن مسرات مفيدة أكثر من الواجبات، لأنها كمثل خاصية الرحمة، فهي ليست متكلفة، ولها مسرة مزدوجة.
 
وكجزء من قراءاته المبكرة فقد قام بدراسة شاملة للكتب العسكرية، ابتداء من حروب سينا شيرب، ثوتميس ورامييس إلى حروب نابليون، ويلدينغتون، ستونويل جاكسون، ومولتكه. إلاّ أنه قام بذلك بشكل طوعي وليس كجزء من أي عمل مطلوب منه. وكان من بين كتبه المفضلة كتاب مبادئ الحرب للمارشال فوش(3)، إلاّ أنه أفضى إلي في مناسبة ما ونحن في الجزيرة العربية، بأن دراسته لاستراتيجيات كل من قيصر وكسينوفون(4) كانت أكثر قيمة بالنسبة له في حربه الصحراوية، لأنه في الحرب غير النظامية التي كان يقوم بها ضد الأتراك فقد وجد من الضروري تبني تكتيكات جديدة ومباشرة تخالف تلك التكتيكات التي وضعها كبار الاستراتيجيين الفرنسيين.
 
وكموضوع لأطروحته في جامعة أكسفورد فقد اختار لورنس موضوع فن الأسلوب العسكري للصليبيين، واستوعبه تماماً واستخدمه في مهمته أو في عمله هذا، ولهذا الغرض فقد حث والديه من أجل السماح له بزيارة الشرق الأدنى، بحيث يمكنه الحصول على معرفة أولى للجهود الهندسية الحربية لفرسان المسيحية الأوائل. وقد شُجع في هذا المجال من قبل عالم جامعة أكسفورد المتميز والمختص بالشؤون العربية، الدكتور ديفيد جورج هوغارت، أمين متحف اشمولين، وهو رجل كان له تأثير هام على مجمل حياته بدءاً من تلك الأيام، حتى أنه ذهب إلى مصر خلال الحرب وعمل معه كمستشار خاص خلال الحرب في الجزيرة العربية.
 
كانت والدة لورانس تعارض ذهابه إلى الشرق، إلاّ انه بعد عدة أسابيع من التوسل منحته موافقتها لزيارة سورية كسائح طباخ، وأعطته مائتي جنيه من أجل الرحلة. وكانت أسرته متأكدة بأنه سيعود للوطن بعد بضعة أسابيع مقتنعاً بالاستقرار فيه بقية حياته ومستعداً لنسيان الموقد، وروائح الطهي، ومعيقات الحياة في الشرق.
 
إلاّ انه حينما وصل إلى الشرق الأدنى (الشرق الأوسط) سخر من ذلك وترك رفاهيات السياح والطرق والممرات المألوفة. ودخل إلى سورية عن طريق بيروت، وبعد وقت قصير من نزوله من البحر، اتبع العادة البدائية ومشى على أقدامه العارية إلى الداخل. وبدلا من السفر كسائح، فقد تجول لوحده حتى وصل إلى تخوم الصحراء العربية الكبرى، ومتع نفسه بدراسة أساليب وعادات الشعوب المختلفة والمتنوعة التي تستوطن تلك المنطقة الضيقة الممتدة من بلاد ما بين النهرين إلى وادي النيل. وبعد سنتين، عندما رجع أخيراً إلى أكسفورد ليسلم أطروحته ويستلم شهادته أو درجته الجامعية، كان لا يزال معه مائة جنيه من المائتي جنيه التي أعطتها له والدته.
 
كان يوجد في عائلة لورنس خمسة أولاد، حيث كان ثوماس ادوارد لورنس الابن الثاني في الترتيب. وكان الابن الأكبر وهو الرائد (الميجور) مونتاغيو لورنس يعمل في السلاح الطبي والخدمات الطبية؛ أما الثالث فهو وليام، وكان يعمل مدير مدرسة في دلهي في الهند؛ والرابع أنهى دراسته من جامعة أكسفورد وسافر إلى الشرق الأدنى مع شقيقه ثوماس؛ والخامس وهو أرنولد نجم رياضي بجامعة أكسفورد، وكان أيضاً باحثا مهما في علم الآثار، وأخذ مكان شقيقه لفترة في بلاد ما بين النهرين (العراق). وقد قتل كل من ويليام وفرانك في ميادين المعارك التي جرت في فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى.

الصفحات