كتاب "علي فودة..
أنت هنا
قراءة كتاب علي فودة.. شاعر الثورة والحياة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
رصيف الشعر والثورة
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي أسّس علي فودة مجلة «رصيف 81» بالتعاون مع رفيقه رسمي أبو علي، والشاعرَين العراقيَّين آدم حاتم وغيلان، إضافة إلى الكردي أبو روزا وولف، وكان «مقهى أم نبيل» مقابل جامعة بيروت العربية بمثابة المقرّ الرسميّ لهيئة تحرير المجلة التي كانت تمثل الرفض للمؤسسة السلطوية. وبعد صدور العدد الثالث من المجلة انسحب رسمي أبو علي من هيئة تحريرها، واستمر علي في إصدارها بالتعاون مع رفاقه الآخرين في هيئة التحرير، إلى أن توقّفت عن الصدور بعد سبعة أعداد أوائل عام 1982، ثم ما لبث علي فودة أن أعاد إصدارها منفرداً في تمّوز 1982 على شكل جريدة، وراح يوزّعها بنفسه على المقاتلين في مواقعهم.
ويمكننا القول إن مجلة «رصيف 81» ذات التوجّه الراديكالي، التي أسّسها في بيروت مطلع الثمانينيات من القرن الماضي الشاعر علي فودة ورفيقه القاص رسمي أبو علي بالتعاون مع مجموعة من المثقفين والشعراء العرب، كانت مجلة تصادمية ورافضة للاصطفاف مع أي جهة على حساب الأخرى، وكانت تعكس ثقافة الهامش وآراءه المختلفة آنذاك في مواجهة لعبة النفوذ الفردي والشخصي؛ أملاً في أن يغدو هذا الهامش يوماً ما شكلاً للهوية، وممثّلاً شرعياً لثقافتها، وقد أفردتْ المجلّة مساحةً واسعة للتجريب، وكانت أرضاً خصبةً له؛ إذ ظهرت النصوص المنشورة في «رصيف 81» مُحمَّلةً بقدرٍ كبيرٍ من العبث والتهكم والسخرية والاستفزاز، وجاءت بمثابة ردّ فعل ضدّ التهميش الثقافي بأشكاله كافّة، وضدّ تقزيم العمل الثوري واختزاله في شخصية واحدة.
وربّما تُلخِّص الفقرة الآتية على لسان رسمي أبو علي تجربة تلك المجلة، حيث يقول: «(الرصيف) لم تكن مجلة فقط حملت الاسم نفسه؛ وإنما كانت أشبه بنظرية مستقبلية حول أسلوب مواجهة عالم سيؤول إلى أن يصبح أحاديّ القطب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، إذن، فـ»الرصيف» حمل بعداً تنبّؤياً، ولم نكن إلا عدداً محدوداً من الشعراء المتمرّدين على الحاضر، ولكنّا كنّا حالمين بالمستقبل، على الأقل هذا ما كنت أفكّر فيه، لكن كانت لكل منّا طموحاته، وفهمه الخاص لـ«الرصيف»، الآن. يبدو لي أن العالم يتهيّأ ليخرج من حالة القطب الواحد، وإذا ما حدث هذا فإن «الرصيف» يكون قد أدى واجبه خلال الثلاثين سنة الماضية. وعلى كل حال، أحسّ أنني مقصّر في كتابة تجربة «الرصيف»، فهي تجربة فريدة، غنية، فكرية، إبداعية، مستقبلية، وضاحكة أيضاً إن لعبناها ضاحكين وهازئين وساخرين كي لا يفتكوا بنا، ومع ذلك لم ننجُ من هراواتهم».