قراءة كتاب دمية النار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دمية النار

دمية النار

كتاب " دمية النار " ، تأليف بشير مفتي ، والذي صدر عن منشورات ضفاف ، نقرأ من اجواء الرواية :

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 4

- بلى، شيء عادي عندما نقول إنها سنة الحياة عند البشر جميعهم، ولكن عندما يصحب أي تمرد شعور بالخواء فهذا مخيف؛ لأنك تستطيع تدمير نفسك وما حواليك..

- لم أستطع فهمك جيدًا.

- أقصد أنني واع بحالتي فقط لأني ربطتها بالأدب وبحبـي للكتابة، ويمكن لهذا التمرد أن يجعلني أكتب، وهذا ما يريحني بعض الشيء، لكن لا أخفيك أنه قبل ذلك كانت سكينتي الروحية، رغم تشوشها أيام المراهقة، مريحة لي، وكنت أشعر، رغم لا مبالاتي بها الآن، أنني كنت سعيدًا فقط عندما كانت علاقتي متوافقة مع الدين..

بعدها عدت للصمت بينما شعرت أنه راح يفكر في كلامي، أو يحاول أن يسجل في دماغه كل ما قلته عن نفسي، وربما انتبه إلى أنني لم أقل له ما أراد سماعه حينها، فلم يشأ أن يزعجني من جديد بالحديث عن موجة التدين التي بدأت تغزو الأحياء الشعبية، والإقبال المهول على المساجد، والإحساس بأن الخلاص الحقيقي لن يكون إلا بالدين، وليس بغيره.

آثر الصمت بدوره فيما غطست أنا في قعر ذاكرتي أيام الصلاة والتعبد الذي كنت أقوم به دون أن أفهمه، أو ربيت على أدائه دون فهم "قُم للصلاة". هكذا كان يصرخ والدي، فأقوم طائعًا منحني الرأس، خائفًا من العقاب الذي ينتظر من يخالف أوامر الله. وقد قرأت كتبًا أحضرها أحد إخوتي الذي انتمى لتيار إخواني أيامها عن أهوال القيامة وعذاب الآخرة، غير أن ما كان يرعبني أكثر هو عذاب القبر، كانت كل فرائصي ترتعش، وروحي تبتئس، وقلبـي يخبو ويتلاشى ماؤه، وأضيع في ذلك الرعب الذي لا مثيل له..

قام رضا فجأة معتذرًا أن ثمة عملاً ينتظره، وقال إنه سيطلبني للتحدث معي في أمر مهم، صافحته مودعًا دون أن أثق بكلامه عن أننا سنلتقي من جديد. لقد شعرت فجأة بعد حديثنا القصير أنه لن يتكلم معي ثانية، أو أنه لا يرغب في صداقتي بالمرة، مدركًا كذلك أن أشياء كثيرة كانت تفرقنا عن بعض، ومعتقدًا بداخلي أن لا شيء يجمعنا في الحقيقة، لا الروح، ولا الهاجس، ولا تجربة الحياة التي يعيشها كل واحد منا بشكل مختلف..

الصفحات