كتاب " ديمقراطيات في خطر " ، تحرير ألفرد ستيبان ، والذي صدر عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر .
أنت هنا
قراءة كتاب ديمقراطيات في خطر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

ديمقراطيات في خطر
مقدمة : النقض في تنظير المشاكل السياسية في الأدب المؤسّس لتحقيق الديموقراطية
ألفرد ستيبان
يواجه الكثير من الديموقراطيات الجديدة الخطر بعد خمسة وثلاثين عاماً على بدء الموجة الديموقراطية الثالثة، وبعد عشرين عاماً على سقوط جدار برلين. وتوجد بالتالي حاجة أكبر من قبل للتفكير في الطريقة التي يمكن أن تجعلها تعمل بشكل أفضل. وقد اجتمعت لمعالجة هذا التحدي مجموعة من أكثر من عشرين رئيساً ورئيساً للوزراء سابقين من ديموقراطيات الموجة الثالثة، شرقاً وغرباً، ومجموعة مدعوّة من الأكاديميين من بلدان مختلفة متخصّصين في تحقيق الديموقراطية في الجمعية العمومية الثالثة لنادي مدريد. وسبق أن كُرّست الجمعية العمومية الثانية للقضايا الاقتصادية الداخلية والدولية، وقررت اللجنة التحضيرية، بالتالي، أن تعطي في الجمعية العمومية الثالثة أولويةً واضحة للقضايا السياسية.
لكن أي قضايا سياسية؟ ربما وُجدت أجندة ضخمة وصعبة على اجتماع يستغرق ثلاثة أيام نظراً للمشاكل الملحة الكثيرة المتعلقة بالسياسة، مثل عدم المساواة، والفساد، والأشكال الجديدة من الشعبوية التسلطية، وتراجع الثقة، وضعف الأحزاب ذات البرامج، والمتاجرة بالمخدرات، والإرهاب، التي أخذت تضع الديموقراطية الجديدة في خطر. واتخذنا بالتالي قرارين تحضيريين إضافيين: قضى أولهما بالتركيز على ثلاث قضايا فقط، بحيث نحظى في سياق الجمعية بقدر من الوقت يسمح للناشطين والمنظرين بتشخيص أصول المشكلة، وبمحاولة تقويم الوصفات الممكنة. وقضى القرار التحضيري الثاني بأنّ علينا، نظراً إلى كثرة المشاكل المحتملة، إعطاء الاهتمام لقضايا أغفلها بشكلٍ خطير الجيل الأول من منظّري تحقيق الديموقراطية، أو في حال عدم الإغفال، تلك التي نشعر الآن بأننا اخطأنا بها، أو شرعت الأبحاث الجديدة بطرح إصلاحات سياسية، أو تجارب من النوع الذي لم يتم التطرق إليه في المؤلفات التأسيسية.
ألغى هذان القراران بعض المشاكل المرشحة للبحث مثل عدم المساواة، ليس لأن عدم المساواة لا يشكّل مشكلة ملحة، بل لأن الملفات التأسيسية تناولته، ولأن التشخيصات الأصلية والوصفات المتعلقة بالحاجة إلى توفير الفرص التربوية المحسنة وذات المستوى الرفيع، ووصول المواطن إلى السلطة، والأنماط الأفضل لصيانة الدخل وتوزيعه، لا تزال محط إجماع. ووُجدت في المقابل بعض القضايا التي كاد يُغفلها كلّياً بالفعل الجيل الأول من المؤلفات حول تحقيق الديموقراطية.
لم يتم، على سبيل المثال، تكريس أي فصل من سلسلة المجلدات الأربعة عن "الانتقال من الحكم السلطوي"، الذي قام أكثر من أي عمل آخر بترسيخ حقل الدراسات المتعلقة بالانتقال إلى الديموقراطية (وقد ساهمتُ فيه وأتحمّل بالتالي قسطي من المسؤولية)، للنزاعات الإثنية والدينية، و/أو حروب الانشقاق من النوع الذي دمّر يوغوسلافيا، و/أو يهدد حظوظ الديموقراطية في نيجيريا، ويحطم في سريلانكا النموذج السابق السلمي والناجح للديموقراطية في جنوب آسيا[1]. والتزمنا الصمت بالطبع حيال قضية الإسلام والديموقراطية نظراً إلى تركيزنا على عمليات الانتقال في جنوب أوروبا وفي أميركا الجنوبية. وتوجبت مناقشة هذه التحديات في جمعيتنا العمومية الثالثة باعتبار إغفالنا السابق للطرق الممكنة لإدارة النزاعات الإثنية والدينية سلمياً وبطريقة ديموقراطية.
كما لم نعمد، نحن الجيل الأول من منظري تحقيق الديموقراطية، إلى طرح عملي للسؤال عن كيفية إدارة الديموقراطية الجديدة لأجهزتها الأمنية – الجيش، الشرطة، والاستخبارات – بطريقة ديموقراطية. وكاد يتركز انتباهنا كله على كيفية التخلّص من الأنظمة المتسلطة القديمة، وهي في الغالب عسكرية، إلا أننا لم نعمد جماعياً إلى كتابة الكثير حول كيفية إعادة تنظيم العسكر. وكدنا أن نلتزم الصمت حيال كيفية تحويل الشرطة، من تهديدٍ للمواطنين ومصدر للفساد، إلى مصدر حاسم لتحسين أمن المواطنين. ولم نتطرق كذلك إلى الطريقة التي يمكن فيها للديموقراطيات إنشاء أنظمة استخبارات جديدة وفاعلة داخل الديموقراطيات كلها، وفي ما بينها، للتعامل مع الشبكات العالمية لتهريب المخدرات والإرهاب، من دون الانتقاص من الحريات التي اكتسبها المواطنون حديثاً. وأنا، أكثر من أي واحد آخر من منظّري الجيل الأول للديموقراطية، مدرك لهذه الثغرات ومسؤول عنها، لأنني كتبت كثيراً عن القضايا الأمنية ما بين عامَي 1971 و 1986. ولم أكرّس في كتبي الثلاثة عن الأمن إلا فصلاً واحداً عن الكيفية التي يمكن للمواطنين الديموقراطيين والقادة أن يديروا بها جيشهم وشرطتهم وأجهزة استخباراتهم. ومن حسن الحظ أن هذا الكتاب يعطينا الفرصة للتعريف بالأبحاث الرائدة الحديثة، ولتقويم "الممارسات الفضلى" التي بدأت تظهر في هذا المجال الحساس، الذي لم ننتقص من التنظير فيه فحسب، بل كدنا أيضاً نتجاهله كليّاً.
لاحت لنا أيضاً فرصة ثالثة كبيرة للتصحيح. لم يهمل الجيل الأول من منظّري تحقيق الديموقراطية تحليل أشكال الأجهزة التنفيذية الديموقراطية. وأنتجنا، على سبيل المثال، مؤلفات جوهرية عن الميزات النسبية للنظام الرئاسي في مقابل النظام البرلماني، وبخاصة ما تعلّق بمسألة هل إنها "تغري على الانقلاب العسكري" أو "تكبح الانقلاب العسكري". وعندما يتم البحث في الانتقال الممكن من النظام الرئاسي في بلدان مثل البرازيل والأرجنتين، وحتى تشيلي، يتّجه النموذج الضمني صوب النظام البرلماني، على الطريقة الفرنسية، الذي لم يُختبر، ونعتقد الآن أنه بُني بشكلٍ كبير على مفاهيم خاطئة، ويُسمّى عادةً بالنظام نصف الرئاسي. غير أن نقاشنا السياسي والنظري يكاد لا يعير أي انتباه لتنوعات جديدة ممكنة للنظام الرئاسي أو نصف الرئاسي. وقررنا بالتالي أن على الأكاديميين والسياسيين معاً أن يناقشوا، في جمعيتنا العمومية التالية، قضيتهم الثالثة حول: هل يسعنا بدء التفكير بالوعد بتنوعات جديدة في السلطة التنفيذية الديموقراطية.
أمكننا، لحسن الحظ، تكليف كاتبَيْن بكل قضية من هذه القضايا الثلاث. فوضعا دراسات عن الأبعاد الخلفية، ناقشها الرؤساء ورؤساء الحكومات السابقون، ثم أُعيدت كتابتها لهذا الكتاب. وانكببنا على المواضيع الثلاثة بالطرق التالية.