أنت هنا

قراءة كتاب عرش معشق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عرش معشق

عرش معشق

كتاب " عرش معشق " ، تأليف ربيعة جلطي ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 10

لا أحد سأل عني.. منقبلة على ظهري، مثل سلحفاة سيئة الطالع، تحاول أن تتشبث أطرافها بشيء ما كي تعدل وضعها المقلوب دون جدوى.

كنت أرى السيقان الطويلة تخطو فوقي وتمر قلقة..

بدأت أحس بالجوع

القابلة الضخمة الشرسة أغلقت باب رزقي، عندما قصت حبل السرة وربطته دونما رحمة، فمن أين لي بقوتي اليومي بعد هذا؟

يدان حانيتان اقتربتا مني بغتة وحملتاني.. إنه جدي الحاج التقيّ، كان يبدو عليه الحزن العميق.. عيناه النديتان المتورمتان تؤكدان أن دمعا غزيرا سال منهما.. قربني من وجهه نظر إلي مليا. أجل.. أطال النظر.. ربما كان يبحث عن ابنته فيّ.. ربما كان يريد أن يقول شيئا ما، أن يفضي بما في قلبه، ولكنه لم يفعل. لعله ظن أن لا جدوى من ذلك.

- إنها وليدة ولن تفهم شيئا.. لا ذنب لها في ما يحدث.

قربني من وجهه كثيرا، ابتسمت له فابتسم لي بحيث غاب بؤبؤا عينيه البراقين بين ثنيات وتغضنات التجاعيد تحت نتوئي حاجبيه. ثم قبلني..

كم كان وسيما.. كم أحببت رائحته..كان أول رجل يقبلني.

حدهووم حدهووم هاكي البنت.

نادى بصوت عميق حزين النبرة.

"حدهم" هي خالتي. وأعلمكم أن لي خمس خالات، و"حدهم" الخامسة قبل أمي في سلسلة البنات الست اللواتي جئن الواحدة بعد الأخرى. وفي كل مرة كانت أمهن، جدتي لاحقا، تنتظر ولدا ذكرا يعمّر دارها، ويحمر وجهها أمام حماتها، ونساء إخوة زوجها اللواتي أنجبن ذكورا كثيرين..لكنها وبعد كل انتظار جديد لتسعة أشهر أخرى وأخرى، تنـزلق من أحشائها بنت في يوم عسير آخر كهذا. ثم لا تلبث أن تحمد الله على نعمته وتنتظر الفرج.

"حدهم" اسم ألصقه جدي على جبين ابنته الخامسة، أملا أن تكون "حدّا" لولادة البنات تبعا لعادة القديمة في التبرك بالأسماء. تيمنا وأملا من جدي أن تكون "حدهم" الحد الفاصل بين الإناث اللواتي ولدن له، والذكور الكثر القادمين. لعل وعسى يأتي بعدها مباشرة ولدٌ ذكرٌ، مرفوع بالتنوين الظاهر في وسطه. إلا أن السفن لم تجر رياحها بما يشتهي جدي الحاج التقي.ولم تكن خالتي حدهم مدخلا لسلسلة من الذكور.

دار حوار مقتضب بين جدي الحاج التقي وبين ابنته الخامسة خالتي "حدهم" أسرعت على إثره بجمع أشياء لها، ثم وضعتني في قفة حمراء براقة، وغطتني بعناية، وانطلقت بـي إلى بيتها.

الصفحات