كتاب " عرش معشق " ، تأليف ربيعة جلطي ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب عرش معشق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وهي ترفعني من قدمي من منبت الساقين بالضبط.. أصابعها الخشنة تطوق كاحلي بشدة، شعرت بالدوخة، كنت أترنح في الهواء في لا توازن غريب، لم أميز فيه الفوق من التحت.وحين توالت ضربات كفها على أسفل ظهري عدة مرات، بلغ مني الغضب أقصاه وبلغ السيل الزبى، فصرخت فيها بحدة، فتوقفت عن ضرب مؤخرتي. كانت أول صرخة احتجاج في عمري..ولأول مرة أدرك ان لي صوتا يدرأ عني الغبن، سمعته، كان يخترق ما حولي.
بالله عليك، كيف لك ألا تغضب، ولا يشتد حنقك، وقد أُخرجتَ من جنتك، واجتُثثت من أول منـزل لك هادئ ومحايد، وقُذِف بك إلى عالم لم تختره، ثم تُقلب رأسا على عقب وأنت تترنح في الهواء، ثم تضرب على مؤخرتك..
كيف لا تغضب ولا تصرخ دفاعا عن كرامتك، وهذا أقل رد فعل يمكنك أن تحفظ به ماء وجهك..
نعم.. اكتشفت سلاح البكاء للتو. لكن الأمر ليس بالهين.
استباح الهواء اللعين حرمة صدري، ومزق بكارة رئتي..
سمعت صوت خشخشة الهواء وهو يحفر طريقه مخترقا ممرات الشعب الهوائية حتى الدقيقة منها، يغتصبها بعنف..يلج جزيئاتها ليملأها ويحتلها عنوة.
شعرت كأنني أغرق فبكيت..
كنت أنفث الهواء اللعين خارج صدري، أحاول أن أرده.أن أفرغ رئتي منه. إلا أنه يعود بعناد مرة أخرى ليملأها من جديد، متغلغلا فيها أكثر. كلما نفثته خارج رئتي، كلما أصر عائدا متغلغلا محتلا أعماق صدري.
لا يفتأ الهواء العنيد يصر على الدخول متغلغلا في رئتي.وأنا الأعند منه أصر على إخراجه للفور. ولن أسكت عن اغتصاب الهواء لرئتي ما دمت حية..
هكذا.. هي محنة الصراع بدأت من اللحظة الأولى..أنا والهواء في لعبة" بينغ بونغ"، يدخل فأخرجه، أخرجه فيدخل.. منذئذ وحتى اللحظة ونحن في صراع مستديم.
يا إلهي..ما هذا الشعور الغريب بالوحدة والضياع الذي يكتنفني.
لا يمكن الشعور بقيمة الأشياء قبل ضياعها منا.
وهل هذا هو أول الفقد.؟ كم أتحسر على فقدان منـزلي الأول.
- آه كم ألفته..اللعنة على الألفة.