كتاب " مسقط قلبي " ، تأليف سمية محنش ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب مسقط قلبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مسقط قلبي
تقديم
د.عبد الله العشي
سمية محنش، هذه الشاعرة المتجهة بإصرار إلى عالم الكلمات الكبيرة، تكتب الشعر وكأنها احترفته لسنين، لتتألق فيه كما يتألق الكبار، تكتب القصيدة بأشكالها المختلفة بكثير من التمكن والإحكام كما يفعل الكبار، مع أنها قادمة إلى الشعر من مجال القانون.
من حظ سمية محنش أن تظهر مع التحول الكبير الذي عرفته القصيدة النسائية في الجزائر، كان الشعر النسوي، إلى ما قبل سنوات، يكتفي بقصيدة النثر التي تشبه الخاطرة غالبا، والتي صعب على الدارسين الاعتراف بشعريتها، حتى ظهرت، في العقد الأخير، مجموعة من الشاعرات، وسمية منهن، شكلن ثورة حقيقية، ودفعن بالشعر إلى كثير من النضج والتألق.
تتحكم سمية في قصيدتها تحكما بارعا؛ فهي تمتلك العبارة الشعرية العربية الأنيقة والمتماسكة، تستمدها من مدارس شعرية مختلفة: كلاسيكية، رومانسية، رمزية، و" تعبث" بها وتشكلها في سياقات القصيدة كما تريد، تميل غالبا إلى القديم وتقيم بينه وبين الحديث علاقة تواصل وانسجام، حتى إنها تجتهد في اشتقاقات ربما لا تعجب بعض قراء الشعر. وتتحكم بشكل كبير في إيقاع القصيدة، وتنوع في أوزانها، تتعبها القوافي أحيانا، فتسعى إلى محاورتها وملاطفتها حتى تتجنب ثقلها. وتمكنها من الوزن هو ما يلفت انتباه القارئ الذي له خبرة بالشعر النسوي في الجزائر وفي العالم العربـي، وينبغي أن ينظر إلى هذا المظهر الفني بكثير من الاهتمام.
في شعر سمية محنش قدرة كبيرة على التحكم في ثنائية الذات والموضوع، فهي إذ تتحدث عن الموضوعات الوطنية مثلا تتحدث عنها وكأنها موضوعاتها الذاتية، وهي استراتيجية تحمي القصيدة من رومانسية الذات المعزولة المنكسرة وسلطة الموضوع المجرد الجاف.
في شعرها حكمة، ولكنها حكمة شعرية طرية مليئة بالجمال، فمن أين يا ترى جاءت الحكمة إلى هذه الطفولة الغضة؟.
تراهن سمية على العفوية والتلقائية في تجربتها الشعرية، فهي لا تكلف نفسها عناء البحث عن الأشكال والأنماط والصيغ اللغوية النادرة والصادمة للقارئ، بل تستسلم لقواعد الشعر وتقاليده، وتترك نفسها لموج الشعر دون تحد ولا مقاومة.
"مسقط قلبـي" إيذان بتجربة شعرية جديدة في الأدب الجزائري، تجربة تكشف عن شاعرة متميزة حريصة على تجاوز نقائصها، واستكمال أدواتها، ولا شك أن هذا الديوان سيسهم مع أمثاله من شعر النساء والرجال الجزائري المعاصر في الدفع بالقصيدة الجزائرية نحو فضاء إبداعي يتصدر الشعر العربـي بكل جدارة واقتدار.
الشعر يقدم نفسه بنفسه، وهذه الخواطر ليست موجهة بالضرورة للقارئ، إنما هي انطباعات أولى لقارئ تمرن طويلا على قراءة الشعر وتذوقه.
الدكتور عبد الله العشي
06/10/2010