مسرحية " مولانا " ، تأليف الفارس الذهبي ، والتي صدر عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع ،
قراءة كتاب مولانا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
يتجلى بعد ذلك الصراع الثاني بين الفتى البطل والشيخ عبد القدوس بعد أن يوافق أبوه على مضض أن يلتحق بالجماعة الصوفية ليتعلم فنون الطريقة والحضرة. الشيخ عبد القدوس شيخ طريقة، التصوف بالنسبة له هو "الطاعة" المطلقة من جانب المريد للشيخ، ووجوب أن يظل المريد في الحضرة يتحرك وينشد مع إيقاع المجموعة. تصوف الطريقة هذا لا يناسب روح الفتى المتوثبة لما هو أعلى وأعمق، للرقص مع أنغام الكون وللاتحاد بالمطلق في صفائه وجماله وجلاله. يريد "عابد" أن يندمج في أوركسترا الموسيقى الكونية، التي تعكسها موسيقى تداخل الأصوات حول قبر محيي الدين.
من أين أتى للشاب هذا الطموح الذي يتجاوز كل الأعراف الدينية، بما فيها أعراف الطريقة وقوانينها؟ إنه "الحب"، إنه الوقوع في أسر الجمال الإنساني للمرأة بسحر النظر وحده، النظر المختلس الذي يوقع الشاب في فزع أنه قد ارتكب رذيلة التلصص على الجيران. الجيران بنات أوروبيات يستمعن إلى موسيقى غربية من راديو استطاع أن يسمعه. وقع الفتى في الحب فاستأنس به الطير ولم يخشه كما كان يفعل من قبل. إن "الحب" بداية التصالح مع الكون. هكذا يمر الفتى بتجربة الحب فترفعه. يلتقي "عابد" بالشيخ الأكبر في "رؤيا" فتنفتح له الآفاق المجهولة من التجربة الصوفية. يطمئنه الشيخ أن الحب هو أصل الوجود، وهو اللحمة التي تربط أعضاء الكون.
المسرحية تجوب في آفاق متعددة من الحياة: الحب، الفقر، السعادة، الرضا، الأحلام والرؤى لتوحي برسائل وليس برسالة واحدة. من المستحيل الإلمام بكل الغنى والروعة والثراء الذي يتضمنه هذا النص الصغير في مقدمة مثل هذه. كم أتمنى أن يتاح لهذا النص المحكم ما يليق به من عرض، وكم أتمنى أن أكون أول المشاهدين.