أنت هنا

قراءة كتاب الصواهل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصواهل

الصواهل

مَن يَقرأ كِتابَنَا هذا يُدْرِك وَفرَةَ أسماءِ الخَيلِ، وكثرَةَ أوْصافِها، وتَعَدُّدَ سَوابِقِها، وغَزارَةَ المَوروثِ الفِكْرِيِّ الذي يجمَعُ مُصْطَلَحاتِها، المُرتَبِطةَ بِها، التـي تُؤَرِّخُ لِحَياتِها، ولِفُرْسانِها، وتُشيرُ إلى وَقائعِها..وكُلُّ هذا يَد

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 2
إذا قُدِّرَ لِهذا الكِتَابِ مَن يُحْسِنُ خِدمَتَهُ، وإذا تَهَيَّأَ لَهُ مَن يُخرِجُهُ إخْراجًا حَسَنًا مِنَ العناصِرِ البَشَريَّةِ الكَفُوءةِ، أعني أنْ تُجادَ طِباعتُهُ طِباعَةً حَديثَةً، مُزَوَّدَةً بِالصُّوَرِ الواضِحَةِ المُلَوَّنَةِ، وتَتَطابَقُ المَعلومَةُ فيهِ مَعَ الصُّورَةِ المُرافِقَةِ..فإنَّني أُقَدِّرُ أنَّـهُ سَيَلقَى قَبُولاً حَسَنًا لَدَى جُمْهورٍ طَيِّبٍ مِنَ القُرَّاءِ، وسَيَحظَى إنْ شاءَ اللهُ بِتَقديرِ المُثَقَّفينَ، ورِضِى الخُبَراءِ في شُؤونِ الخيلِ، العارفِينَ بِمَا يُصْلِحُها ويَصْلحُ لَها، المُهتَمِّينَ بِحَياتِها وتاريخِها، ودَورِها الخَطير في مَعـارِكِ العربِ، وأيَّامِهِم العَصيبَةِ حيثُ الْتَقَوا بِأعدائهِم في سُوحِ القِتالِ، وحيثُ تُبذَلُ المُهَجُ، وتُرْخَصُ الأرواحُ.
 
إذا ذُكِرَتِ الخَيلُ عِندَ العربِ، ذُكِرَ العِزُّ والفَوزُ والفَلاحُ، والنَّصْرُ والمَجْدُ، والسُّؤْدُدُ والنَّجاحُ، في الوقتِ الذي تُنَالُ المَطالِبُ، وتَتَحَقَّقُ الأماني، ويُحصَلُ على الأَوطارِ، فتُصانُ الأعراضُ، ويُحفَظُ الشَّرَفُ، ويُحافَظُ على المُروآتِ والمُقَدَّساتِ.. ويُذْكَرُ إلى جانِبِ ذلِكَ قَهْرُ أعـداءِ اللهِ، وإذْلالُ المُعتَدينَ، ووَطْءُ الخُصُومِ، ورَدُّ المُعتَدِينَ..فَخَيْلُنَا هـي قِلاعُنـا المُتَحَرِّكَةُ، وحُصُونُنا الصَّامِدَةُ في وجهِ الأعداءِ الطَّامِعينَ، تَحُولُ دُونَ تَدْنِيسِ ثُغُورِ البِلادِ ودُونَ المِسَاسِ بِشَرَفِ الأوطانِ..ولِلَّهِ دَرُّ الأَسْعَرِ الجُعْفِيّ حيثُ قال:
 
ولَقَد عَلِمْتُ على تَجَشُّمِيَ الرَّدَى
 
أنَّ الحُصُونَ الخَيْلُ لا مَدَرَ القُرَى
 
مَن يَقرأ كِتابَنَا هذا يُدْرِك وَفرَةَ أسماءِ الخَيلِ، وكثرَةَ أوْصافِها، وتَعَدُّدَ سَوابِقِها، وغَزارَةَ المَوروثِ الفِكْرِيِّ الذي يجمَعُ مُصْطَلَحاتِها، المُرتَبِطةَ بِها، التـي تُؤَرِّخُ لِحَياتِها، ولِفُرْسانِها، وتُشيرُ إلى وَقائعِها..وكُلُّ هذا يَدُلُّ بِصِدْقٍ على اتِّساعِ دائرَةِ اهتِمـامِ العربِ بِها، وإعزازِهِم لَها، وتَعَلُّقِهِم الشَّديدِ بِها، ودَوَامِ تَفكيرِهِم بِأُمُورِها، وسَهَرِهِم على بِناءِ صِحَّتِها وعافِيَتِها.. كما يُبَرهِنُ على عِلمِهِم الغَزيرِ بِها، ومَعرفتِهِم العريضَةِ الواسِعَةِ بِأَحوالِها، وجميع شُؤونِها.
 
وسيَجدُ مَن يَقرأُ كِتَابَنا كيفَ كانَ العَربيُّ، كَثيرَ الاعتِزازِ بِفَرَسِهِ، شَديدَ التَّعَلُّقِ بِهِ، عَظيمَ المَحَبَّةِ لَـهُ، يَعشَقُ رُؤيَتَهُ، ويَفخَرُ بِمَزايـاهُ، يُطِيلُ النَّظَرَ في حُسْنِهِ، ويَعجَبُ بِجَمالِهِ وبَهائِهِ..ومِن هُنا جاء اهتِمامُهُ بِرِعايَتِهِ، وعِنايَتُهُ بِتَغذِيَتِهِ، ورَفاهِيَّتِهِ، وبَذلِ الجهدِ في تَنظيفِ بيئتِهِ، وإحسانِ تَدريبِهِ وتَمْرينِهِ، لِلارْتِقاءِ بِأدائِهِ، والحِفاظِ عل صِحَّتِهِ وعافِيَتِهِ.. فَرُبَّما كانَ فَرَسُ العَربيِّ أعَزَّ عليْهِ مِن بَنيهِ، وصاحِبَتِهِ وأخيهِ.
 
لستُ أزعُمُ أنَّ كتابي هذا وَصَلَ لِدَرَجَةِ الكَمَالِ أو قارَبَها..ولكنَّني أجْرُؤُ على القَولِ: إنَّني بَذلتُ جهدًا ليسَ بِالقليلِ في جمْعِ ما بينَ دَفَّتَيْهِ مِن مَعلوماتٍ..وكانتْ دَرجَةُ الجهدِ أكبَرَ في مَرْحَلَةِ البَحْثِ عن شَواهِدَ شِعرِيَّةٍ تُؤَيِّدُ الآراءَ المَطروحَةَ ؛ لأَنَّنِي مِمَّنْ يُؤمِنُ أنَّ الشِّعرَ يُوَثِّقُ المَعلومَةَ، ويُؤَيِّدُها، ويُعينُ على تَثْبِيتِهـا في الذِّهنِ، ويُقنِعُ القُرَّاءَ بِصَوابِها ودِقَّتِها..فَإنْ وَجَدَ القُرَّاءُ في عَمَلي إحْسَانًا، فهوَ بِتَوفيقِ اللهِ وحُسنِ هِدايَتِهِ، وإنْ وَجَدُوا تَقْصيرًا، فهو مِنِّي ومِنَ الشيطـانِ..وأرْجُو أنْ يَلتَمِسُوا لِيَ العُذْرَ، لأنَّـهُ عَمَلٌ بَشَرِيٌّ، والعَمَلُ البَشَرِيُّ مَهْمـا بَلَغَتْ دَرَجَةُ الجِدِّ والاجْتِهادِ فيهِ، فإنَّـهُ يَظَلُّ مَحْدودًا قاصِرًا.. وعُذري أنَّني بَذَلتُ غايَةَ جهدي، وقَدَّمتُ أقصى طاقَتي..فالحمدُ لِلَّهِ على ما وَهَبَ، ولَهُ الشُّكرُ على ما أعطَى..
 
دمشق في: 8 شوَّال 1431 هـ المؤلِّف
 
17 أيلول (سبتمبر) 2010 م حسن محمود موسى النُّمَيْري

الصفحات