You are here

قراءة كتاب من المكلا الى الخبر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من المكلا الى الخبر

من المكلا الى الخبر

في رواية "من المكلا الى الخبر" للكاتب البحريني د. عبد الله المدني،  رحلة رومانسية كاملة من الحنين الى الماضي والمكان القديم وسط تبدل الامكنة والى الحب القديم.. الى الحزن وموت حبيب دون ان نستطيع وداعه.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
لم تكن المكلا في أواخر الخمسينات سوى مدينة بائسة محصورة ما بين مياه بحر العرب والجبل المطل عليها، والذي كانت قمته تحتضن خمسة أبراج بيضاء قديمة· كانت مدينة ذات وجهين: القادم إليها من البحر يقف مأخوذا بروعة منازلها البيضاء، مكعبة الشكل، والمتلاصقة بجوار بعضها البعض، فوق لسان يمتد في الماء· لكن ما يكاد المرء أن يدخلها، حتى يصطدم بوجهها الثاني المؤلم· فطرقاتها، بما فيها الطريق الرئيسي الموازي للبحر، كانت قذرة وغير معبدة، يتسكع فيها الدجاج والأغنام والماعز وغيرها من الحيوانات الأليفة الجائعة التي اعتادت أن تأكل كل ما تجده في طريقها، بما في ذلك أوراق الشجر وصفحات الجرائد· وبين هذه الطرقات الشبيهة بالزرائب كان الصبية الأشقياء يمارسون ألعابهم البدائية وسط صراخ وضجيج يختلط بأصوات الباعة المحليين، وهرج ومرج المقاهي الشعبية·
 
كانت المكلا تختصر وقتذاك حضرموت كلها بتخلفها، وانكماشها على نفسها، وتعصب قبائلها ومشايختها لكل جديد ومستحدث، يحاول المهاجرون العائدون من الاغتراب زرعه في الوطن وتعويد المجتمع عليه كحل للخروج من نفق الظلام والتخلف· أما جديدها فقد اقتصر حينئذ على عودة عشرات الآلاف من المهاجرين الحضارم من ديار الاغتراب في جاوه وزنجبار وممباسا، بعدما صودرت أملاكهم هناك، وتعرضوا لمعاملة عنصرية، بسبب حدوث تغييرات سياسية في تلك البلاد·
 
هذا التطور ألقى بأعباء إضافية على الدولة القعيطية ذات الموازنة المحدودة التي لم تكن تكفي لبناء ميناء حديث مشابه لميناء عدن، أو رصف طريق بالإسفلت، أو إنشاء مدرسة عصرية متكاملة، أو استغلال ثروة البلاد الكبيرة من الأسماك استغلالا تجاريا صحيحا، بدلا من تجفيفها واستخدامها كسماد في زراعة التنمباك أو كغذاء للجمال والأغنام، أو إعادة تخطيط العاصمة بحيث تخرج من معضلة تكوم منازلها في رقعة صغيرة من الأرض تتوسطها مقبرة ضخمة تحتوي على ضريح شيخ يدعى يعقوب بن يوسف (وهو ما جعل المكلا تجسد بحق كلمة حضرموت المؤلفة من مقطعين: حضر وموت)· 

Pages