You are here

قراءة كتاب الركض وراء الذئاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الركض وراء الذئاب

الركض وراء الذئاب

رواية "الركض وراء الذئاب"؛ تدور احداث هذه الرواية في اديس ابابا ، حيث تبعث وكالة الصحافة الاجنبية في نيويورك احد صحفيها الى افريقيا لكتابة تقرير عن مثقفين فارين من بغداد للإلتحاق بالجيش الاممي الذي اسسه منغستو في اثيوبيان وهناك يلتقي هذا الصحفي بزمنين: زمن

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
هكذا أقول اكتشفت الأمر اكتشافاً·
 
فقد كنت أشعر بأنها ترمقني بحبّ وهي تراني أغرق في الكتب والتقارير، كنت أراها فجأة وقد تغيرت لا في سلوكها فقط إنما في نبرة كلامها، ربما تشعر أن هذا الأمر الذي يحدث هناك، وهو دون شك سوف يحدث هزة في المواقع السياسية لا هناك فقط، إنما هنا أيضاً· وربما ينعكس الهناك بشكل إيجابي على الهنا، أو على نحو أوضح، ينعكس بشكل إيجابي على المنزل، بل من شأنه أيضاً أن يغير مواقعنا هنا أيضاً، وبمقدار ما كانت هي ترمقني وتراقبني، كنت أنا أيضاً أرمقها وأراقبها، بمقدار ما كانت تتابع خطواتي وترى انغماسي في العمل، وكتابة التقارير والتحليلات والذهاب إلى المحطات، أجد نفسي دون وعي مني أراقبها، وأراقب تصرفاتها التي تتغير فجأة، فهي تنشط وتتحمس، هكذا وبصورة مدهشة، أراها تتحرك في المنزل بسرعة، تستيقظ من الصباح لتفتش المنزل من جميع جوانبه، وهي ما تسميه عادة البحث عن النواقص·  في الأيام التي يتفجر فيها الوضع السياسي في الشرق الأوسط تستحم زوجتي مرة أو مرتين في اليوم وهي عادة ما تفعله عندما تشعر فيه بالفرح· وتقوم بانتزاع الموكيت لاستبداله· أو تحاول تغيير ظليات المصابيح· أو تفكر باستبدال الطباخ· أو شراء مايكرويف آخر·
 
 ومن الصباح، كانت تفتح عينيها على الحديث معي حول تجديد بعض الأثاث أو شراء بعض الحاجيات، وعندما تخرج من فراشها أو من حمّامها تأتي حالاً إلى مكتبي لتقول لي شيئاً مهماً عن هذه الأشياء ـ النواقص ـ وتمضي· أنا من جهتي لا أبخل عليها بهذا المال الذي أكسبه من الوكالة، أو من الصحافة، أو من التلفزيون، أبداً· ويا ما قلت لزوجتي هذا الأمر· دائماً أقول لها إني لا أعمل من أجل نفسي، إنما أعمل من أجلك ومن أجل الأولاد· ويحدث مثلاً:
 
 في الصباح الباكر، أدخل الحمام، مرتدياً بيجامتي وقد وضعت المنشفة على كتفي· أقف أمام المغسلة لأغسل وجهي أو أغسل بالفرشاة أسناني· فتقف هي على مقربة مني، لتحدثني عن ما تريده من المال لتجدد به الأثاث أو لتلبي بعض احتياجيات الأولاد، أو لتشتري بعض النواقص· أو تسألني فيما إذا كان هنالك من الوقت الفائض ـ بعد انتهاء الأزمة بطبيعة الأمر ـ لنسافر إلى مكان آخر· وأنا أوافقها بطبيعة الأمر، لم أبخل عليها أبداً· البخل ليس من عادتي إطلاقاً· كنت أقول لها على الدوام:  أنا· ما نفع حياتي· فقد أتلفت شبابي في مشاكل الشرق الأوسط، أتلفت نصف حياتي خائفاً ومرتعباً هناك، والنصف الآخر أتلفته متخفياً هنا· فأنا لا نفع فيما قمت به لحد الآن من أجل نفسي، هل يمكنني الافتخار بأشياء حققها اسمي المستعار· أذهب مباشرة إلى الطاولة في المطبخ، أصبّ القهوة في الكوب، وأستمرّ محدثاً إياها:
 
ـ هل تعرفين ميمي· ليتك تعرفين· إن كل ما أفعله هنا· أجده ملكاً للشخص الآخر الذي يحمل اسماً مستعاراً وحياة متخفية، ومع ذلك رضيت، ذلك لأني أجده يحسّن من وضعك ومن وضع الأولاد، ويغير من ظروف حياتهم· فأنا كل ما أفعله اليوم هنا في أميركا هو من أجلك ومن أجل الأولاد· من أجل أن يعيشوا بشكل جيد· وأن يتخلّصوا من ذلك التنّين المرعب الذي ابتلعنا بنيرانه· (أقصد الشرق الأوسط بالتأكيد)·

Pages