هذا الكتاب لا يعتمد على التحليل النقدي لأعمال المخرج الإيراني الشهير عباس كيارستمي – وهي مهمة جوهرية، أساسية، وضرورية، لكنني لا أحسن القيام بها – بل يركّز بؤرته، هذا الكتاب، على ترجمة الحوارات التي أجريت مع هذا المخرج، المستمدة والمجمعة من مصادر مختلفة ومتع
You are here
قراءة كتاب عباس كيارستمي: سينما مطرزة بالبراءة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
المحادثات في هذا الكتاب تتخذ المنحى الكرونولوجي (المتسلسل زمنياً) حيث مناقشة كل فيلم تباعاً وعلى نحو متعاقب· الكتاب أيضاً يوفّر منبراً لآراء هيرزوغ الثاقبة في الكثير من الأمور والأفكار التي رافقت عمله، إضافة إلى الأشخاص الذين عمل معهم لسنوات عديدة·
على نحو صريح، تخلينا عن الطريقة التحليلية لصالح النص الموجّه على نحو عملي جداً، وهي الطريقة التي آمل أن تمنح معنى جديداً لذلك الاقتباس، المستشهد به كثيراً، من نيتشه: عقيمة كل كتابة لا تحث على الفعل
أيضاً أنا مدرك لحقيقة أن هناك القليل جداً من الناس الذين شاهدوا كل فيلم أخرجه هيرزوغ، بالتالي حاولت أن أحرّر أحاديثنا بحيث أن القارئ، حتى لو لم يشاهد الفيلم الذي نتحدث عنه، سيكون قادراً على استيعاب وإدراك شيء مباشر وملموس: حكاية أو نادرة ربما، والتي بدورها قد تقود إلى ثيمة أو، إذا استخدمنا لغة هيرزوغ نفسه، إلى شيء أكثر إثارة للنشوة
أغلب الأوقات التي قضيناها معاً كانت في يناير وفبراير 2001، في لندن، حيث كان هيرزوغ يتابع مرحلة ما بعد إنتاج فيلمه الذي لا يُقهر في يناير 2002 جلسنا مرة أخرى في ميونيخ، ثم بعد شهر في لوس أنجلس· النص الناتج، المقدّم هنا، كان في الأصل عبارة عن مخطوطة ضخمة تعرضت للتشذيب والاختزال، حيث قمت بإزالة العناصر الاعترافية وتلك التي لا تتصل على نحو مباشر بالأفلام نفسها· هيرزوغ كان حريصاً دوماً على التمييز بين ما هو خصوصي وما هو شخصي، وكل ما لا يتصل مباشرةً بالأفلام يقوم باستبعاده·
الأكثر من ذلك، أننا طوال مسار أحاديثنا الطويلة كنا مراراً، وفي أحوال كثيرة، نتناول موضوعات معينة من زوايا مختلفة، بالتالي فإن أجوبة هيرزوغ هي عبارة عن تجميع وتوليف لردوده، لذا أحياناً تتكوّن لدينا إجابات مطوّلة على أسئلة قصيرة جداً· وكان هيرزوغ يقول لي: ينبغي أن يعرف القراء هذه الحقيقة لأنني أبدو ثرثاراً جداً في هذا الكتاب، مع أنني لست كذلك في الواقع
منذ بضعة شهور، وفيما كنت في غمرة تحرير النسخ، تحدثت إلى هيرزوغ عبر الهاتف، وسألني: متى سوف يجهز الكتاب؟·· إسمع، الكتاب لا يحتاج إلى بنية، بل يحتاج إلى حياة· دع الفجوات والانقطاعات في التسلسل، لا تسد الفجوات· لا تسد مساماته· زعزع البناء واكتب الكتاب فحسب
وهذا ما فعلته· لكنني مازلت أشعر بأن للنص بنية، والكثير من الحياة· ومع أن من المستحيل أسر حياة إنسان في 300 صفحة، ومع أنه يظل هناك الكثير من الأشياء متروكة دون إفصاح عنها (أو على الأقل غير منشورة) عن حياة وأعمال هيرزوغ، ومع أن الرجل هو، بالنسبة لي، قابل لأن يدرَك ويميَز الآن، على نحو طفيف فقط، أكثر مما كان عندما التقيت به للمرة الأولى، إلا أنني أشعر بأن هذا الكتاب يأسر بنجاح، وعلى نحو لائق، أفكار واستبصارات وحساسيات هذا المخرج السينمائي الهام·
بول كرونين، لندن، مارس 2002
في مواجهة التخيير الصارم بين أمرين: أن أرى كتاباً عني، هو حصيلة تجميع وتوليف لمقابلات مغبرّة معي، بكل التحريفات والتشويهات والأكاذيب الطائشة، أو التعاون·· فقد آثرت الخيار الأسوأ: أن أتعاون·
فرنر هيرزوغ، لوس أنجلس، فبراير 2002