ينطوي كتاب الناقد د.
You are here
قراءة كتاب ثنائيات مقارنة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
والنتيجة أو النتائج التي يمكن أن نتحصل عليها بعد رؤية حوار متصل أو مقطوع من هذا النوع، تجعلنا نفكّر بشعور المغلوب إزاء الغالب، كما عبّر عنه (ابن خلدون) مرّة في (المقدمة)، حين تحدّث عن الاقتداء الناتج عن >اعتقاد المغلوب الكمال في من غلبه، ولذلك نرى المغلوب يتشبَّه بالغالب في ملبسه وسلاحه، وفي سائر أحواله، حتى لقد يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء<·
لقد انطوى الكتاب، إضافة إلى ذلك، على ثنائيات مقارنة في موضوعات المسرح والسينما، والقصة والرواية، والترجمة، والعلم كما جرت رؤيته وتطبيقه بطرائق متباينة، وسياقات تاريخية مختلفة، بين العرب والأوربيين، يجمعهما ويوحّد بين أطرافها هذا التوسط الذي نجد الغرب والثقافة الغربية موجودة بهذا الشكل أو ذاك في ثقافتنا العربية القديمة والحديثة بأنواعها المختلفة، وعلى نحو لا يخلو من اللبس والتعقيد أحيانا· وهو ما يدفع الدارس نحو مزيد من الانتباه والحذر لملاحظة أوجه القضّية أو القضايا المطروحة، وتبيّن سياقاتها التاريخية ومرجعياتها المختلفة· إذ إن أوجه الشبه بين الأعمال الأدبية والثقافية والفكرية لدى الأمم المختلفة قد تكون جاءت نتيجة مصادفات تدفع إليها حاجات وسياقات حضارية متشابهة، فضلا عن أن البحث الأدبي المقارن الحديث قد أثبت بأن الأصالة المطلقة التي تصبح فيها بعض الآداب مصدرا دائما للإرسال، أمر نسبي، حتى إذا اعترف اللاحقون بفضل السابقين، وتحدّثوا عن مصادر الأخذ وأنواعه في آدابهم وثقافاتهم·
وقد رأينا كيف أن أجدادنا العرب القدماء كانوا ينظرون إلى هذا الموضوع داخل بنية الثقافة العربية بشيء من التساهل الذي يحق فيه للاحق أن يستغلَّ عمل السابق، على نحو يبدو معه الأدب وما فيه من معان وألفاظ إرثا مشاعا يستطيع من يشاء أن يأخذ منه، شريطة أن يغيّره أو يعدّل فيه، ويضيف إليه شيئا ما، على مستوى المضمون أو الشكل، ويترك عليه ما نسميه (بصماته الشخصية)· وهو ما يمدّ الدرس العربي المقارن بعدّة إضافية يستعين بها لزحزحة الجمود الذي عانت منه الدراسات العربية المقارنة، من التي ما زال الكثير منها لصيقا بالمنهج الفرنسي القديم في دراسة الأدب المقارن من خلال التأكيد على رؤية العلاقات الأدبية المباشرة وتوفرالمدوّنات التاريخية والأسباب والمسّببات·


