You are here

قراءة كتاب مدينة الله

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مدينة الله

مدينة الله

  "مدينة الله" رواية الروائي والقاص الفلسطيني الدكتور حسن حمي، عن منشورات المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، ومن غير القدس يمكن أن تكون مدينة الله؟!

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
ويصمت الرجل الناحل، فيتعالى ضجيجُ العربة الرشيقة، وأميل نحوه، أسأله كي لا يغرق في حزنه: أرجوك انظر إلى اليمين، فيرفع رأسه، وقد تلامع الدمع في عينيه، ما هذا البرج الواسع هنا· ينظر إلى حيث أشير، ويهمهم بصوت متهدج: إنه برج اللقلق· أسأله: برج اللقلق· فيقول: برج تعشش فيه اللقالق، تأتي إليه في مثل هذا الوقت من كل عام كي تديم حياتها·
 
أسأله: وأين هي الآن، إنني لا أراها؟ يقول بأسى: ولن تراها· لقد أتيت إلى هنا منذ أربعين عاماً، ولم أرها· أسأله: ولماذا لا تأتي، هل ضلّت طريقها إلى هنا؟، يقول: لا· أقول: إذاً ما بها؟ فيوقف العربة، وينظر إليَّ مباشرة، ويقول: اللقالق طيور الربيع، طيور الطمأنينة والسلام· وهؤلاء، ويشير بيده إلى نفر من الجنود الذين يركبون بغالهم السمينة منتظرين قربنا في أحد مفارق الطرق، ويضيف: هؤلاء الذين يحرسون المكان بعصيهم ودويهم ودخانهم وبغالهم··· ما داموا هنا، لن تأتي اللقالق·
 
ويرخي العنان للحصان، فتسير العربة صعوداً نحو المغارة، ويلفنا صمت ثقيل·
 
ملحوظة:
 
في الطريق أخبرني الحوذي جو، أنه تعلم اللغة العربية هنا، وأنه بات، لعشقه لها، يكتب بها أشعاره·· وأنه أحب فتاة من هنا، حيّرته وعذّبته، فحضورها وغيابها من الأسرار العواصي، أحياناً تأتيه مثل سيل جارف، وأحياناً تنقطع عنه مثل مطر حرون·
 
أصارحك بأنني ارتحت إليه، وسررت بمعرفته لذلك رجوته أن يكون دليلي· أستاذي، أرجوك، اكتب إليَّ لتفرح روحي·
 
المغـارة
 
يا إلهي،
 
ما أجمل هذا الدرب العصي الصاعد نحو المغارة؛ وما أبهى هذه الأشجار الحانية عليه من اليمين والشمال حتى لتكاد تأخذه بين الذراعين، وما أطرب هذه الساقية البادية والمتخفية بين الأشجار والأعشاب، وما أكثر لمعان هذه البلاطات الحجرية السود، وما أوقع الموسيقى التي تتركها العربة وراءها كالنثار، وما أبدع تحليقات هذه الطيور فوق ذؤابات الأشجار، فوقنا، وما أصفى صوت هذا الحوذي الذي راح يتعالى ويمتد، ما أشجاه!!

Pages