كتاب "أقباس من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" لمؤلفه علاء الدين المدرس، يتكلم عن الإعجاز العلمي في القران الكريم والسنة النبوية، من خلال خمسة محاور رئيسية تدور حول، مختارات من الإعجاز العلمي في القران والسنة، في المواضيع الطبية والفلكية والطبيعية الأخرى،
You are here
قراءة كتاب أقباس من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أنتم أعلم بأمور دنياكم
لقد فرق النبي الكريم والرحمة المهداة بين أقواله وأفعاله باعتباره نبي مرسل من الله سبحانه لا ينطق عن الهوى، وإنما وراءه الوحي الذي يعصمه من الخطأ، وبين كلامه كبشر له خبرات وقناعات شخصية ومزاج ورغبات قد تختلف بين إنسان وأخر فيما يخص أمور الدنيا والخبرات العامة التي لا تتعلق بتشريع أو توجيه نبوي. فرغم العلم النبوي وأثر الوحي والنبوة في توجيه أحاديثه إلا أنه ترك للخبرة والتجربة البشرية الأفضلية حتى على آراءه وخبراته الشخصية فيما يخص أمور الحياة الدنيا الخاصة، حيث أن هناك الكثير من الأمور التي لا بد للتخصص والخبرة والتجربة البشرية أن يكون لها الرأي الأول، والتي قد تفوق خبرة النبي نفسه باعتباره بشر له من الخبرات البشرية بحسب الحياة التي كان يحياها والزمن الذي عاش فيه، والوسط الذي تأثر به فيما يخص أمور الحياة العامة كالزراعة والصناعة وغير ذلك.
إن حادث تأبير النخل (تلقيحه) يلقي الضوء ويوضح هذا الأمر المهم الذي يجب أن يستقر في ضمير المسلم للتمييز بين السنة النبوية المرادفة للقران وجزءاً من الوحي، وبين الخبرات الشخصية والرغبات والعادات التي كان يفضلها النبي كإنسان أو يتصورها كفرد عاش في ذلك الزمان والمكان.
وفي ذلك يقول : إذا أمرتم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر.
كما نقل الأمام السرخسي في أصوله قول النبي : إذا أتيتكم بشيء من أمر دينكم فأعملوا به، وإذا أتيتكم بشيء من أمر دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم.
وأصل قصة تأبير النخل هي: ورد في صحيح مسلم جـ/4 تحت عنوان (باب وجوب امتثال ما قاله مشرعاً دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأي: عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: مررت مع رسول الله بقوم على رؤوس النخل فقال: ما يصنع هؤلاء؟
فقالوا يلقحونه، يجعلون الذكر في الأنثى فتلقح.
فقال رسول الله : ما أظن يغني شيئاً.
قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله بذلك فقال: إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فأني إنما ظننت ظناً: فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إن حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به، فإني لن أكذب على الله .
وفي رواية أخرى عن السيدة عائشة وعن ثابت وأنس رضي الله عنهم أن النبي مر بقوم يلقحون فقال: لو لم يفعلوا لصلح.. قال فخرج شيصاً فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ فقالوا: قلت كذا وكذا.
قال: أنتم أعلم بأمر دنياكم.
وهكذا نرى أن هذه الأحاديث النبوية توضح الفرق بين الوحي الإلهي في القران والسنة وبين خبرة النبي الشخصية، ومن البديهي نسبة الأحاديث العلمية والطبية والتنبؤية إلى الوحي لأنها مرتبطة بحقائق لا يعلمها إلا الله وبالعقيدة والقناعة المطلقة بصحتها، كما أنها مرتبطة بمستقبل الإنسان وصحته والتطابق المعجز بينها وبين العلم المبني على التجربة والبراهين والأبحاث العلمية الدقيقة، وهي في ذلك شأنها شأن القران الكريم وأعجازه العلمي فهي من ذات المصدر الإلهي.
أنزل القران بشرط ثبوت صحة سندها إلى النبي كما أن النبي يذكرها لأصحابه على سبيل الجزم والأخبار وليس الظن كما في حالة خبراته الشخصية غير المرتبطة بالوحي.