إلى كل الشهداء الذين سطروا بدمائهم محو عار الصمت
امتداداً من درعا البدء والغنم وقهر الصمت
وانتهاءٌ بحلب قريض الشهادة، وشهامة الردّ
وما بينهما
دمشق عطر التاريخ، وصخب الوقت، وأريج الوعد.
You are here
قراءة كتاب خبز ودم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

خبز ودم
الصفحة رقم: 2
أوراق سورية تُطلَّ من ذاكرة الرماد
1- ماذا وراء القناع؟
أ - ما الخبر..؟!
لا.. لا تخبروه.. سوف أشربه الخبر بالتدريج، ليكون وقعه على قلبه عادياً.. سمعت هذه الكلمات وأنا ساجد لله في صلاة قيام، كان صوت زوجتي متهدجاً، والأولاد يتهامسون، والصمت الليلي يلقي برهبته فوق التهامس.
لقد تركت حروف كلمات الزوجة انطباعاً راعباً، أعان على استيقاظ هواجسي، فرغم أني كنت مستغرقاً في السجود وفي الركعة الأخيرة.. فقد شدَّ صخب التخمين أعصابي، وجعلني أطيل السجود، وصرت أسمع ضربات قلبي، كأنها مدافع تدق على بوابات إبصار قاتم، وراح اللهاث يأكل نصف كلمات التسبيح، وامتدت بي احتمالات التخمين إلى أيامٍ حضرت اللحظة من ذاكرتي، خارجة من عمق الرماد، الذي غطّى ساعات حياتنا، مذ غام المشهد الدمشقي، وتلاشت الابتسامات عن الشفاه، بعد أن أعلنوا: "حركة التصحيح"! تلك التي أعلنت رثاء الأيام.. وفتحت بيوت العزاء بالوطن. وتعرّت الكلمات على شفاه الرجال، فانكشفت للرعب والكبت والقهر، فلم يبق منها في الساحة إلا السقط والنفل والتملق. ولكن.. أين ذهبت بي الأفكار...؟ ما الخبر. الذي يتهامسون به لإخفائه عني؟
ب- الخبر:
تمتمت بالدعاء على عجل.. سلّمت، وقفزت واقفاً أمام الزوجة قائلاً: ما الخبر..؟ أسرعي.. ما الخبر..؟ لقد استولى علي الطين، لماذا تبكين..؟ وكنت أمسك بكتفيها وأهزها بشدة قائلاً لها: أغلقي نوافذ الظنون في قلبي.. آه لو تدركين صدى همسكم في كياني! لَما ألقيتِ بالصمت الراعب في المسافة بيني وبينك، تكلمي يا امرأة، قبل أن ينفد الصبر من صدري.. شدي لسانك، وامضغي الكلمات، فقد هدرتِ صحوة دمي بنظراتك مجهولة المراد.

