You are here

قراءة كتاب بعيدا عن الذاكرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بعيدا عن الذاكرة

بعيدا عن الذاكرة

المجموعة القصصية "بعيدا عن الذاكرة" للكاتبة أمنية أمين، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
الواحدة تماماً وها هو يتوجه نحوي بابتسامة· لقد اخترتُ مكانا قصياًً في زاوية المقهى حتى يمكننا التحدث بهدوء· صوت فيروز ملأ المكان وهي تنادي شادي في الجبال البعيدة وأنا أسكن منزلاً تحيط به الجبال على مشارف المدينة·
في مخيلتي أحداث كثيرة· أراني واقفة عند سفح الجبل أُتمتم بكلمات غير مفهومة وأرمي أشياءَ لا أتبينها، سرعان ما تحملها الريح بعيداً· أرفع يديّ إلى السماء فيتوالى الرعد والبرق وتهتز الجبال وتسقط الأمطار إثر كلماتي فأضحك بصوتٍ عالٍ· شعري طويل وليس مجدولاً كعادة النساء في تلك المنطقة، لكنه أشعث يكاد يبتلع وجهي· وجلبابي قاتم اللون بفعل الزمن· لا يسكن معي أحد فكل من سكن معي ابتلعتهُ الرمال· يلقبونني بسيدة الجبل· يسخرون من تنبؤاتي ولم يدركوا أهمية ما أقول إلا بعد فوات الأوان· بعدها أخذوا يأتونني من كل فج لكنني لم أعبأ بأحد· ما أردت مالاً ولا جاهاً ولم يستطع أن يجبرني أحد على التنبؤ· لذا أعطي بالقدر الذي أريده لمن أريده وليس لأحد سلطان عليّ· اغتاظ الكثيرون مني فلم أعبأ بهم· غير أنهم رجموني بالحجارة وأحرقوا جثتي أمام ملأ من الناس وقالوا: تخلصنا من ساحرة لعينة· عندما أحرقوني قيل إن حمامة بيضاء طارت من وسط الرماد المتبقي· سجد الكثيرون وأخذتهم الرهبة· بعد ذلك أُقيمَ معبد سُمِيَّ بسيدة الجبل يطلق فيه البخور ويأتيه الزوار من أماكن بعيدة· لايزال المعبد قائماً· في ذكراي كل عام يقال إنهم يرون طيفاً يحوم حول المكان· آه ! ذاك زمن بعيد، زمن آخر! وبين الحين والآخر أسمع ضحكة امرأة تجلجل بين الجبال فيهمسون: سيدة الجبل مازالت هنا؟ ربما!
كان ذلك فيما مضى، أما الآن فشعري قصير مصفف على الطريقة العصرية وليس بأشعث، وردائي ليس بأغبر، ففستاني تزينه الكثير من الزهور الصغيرة ذات الألوان الجريئة·
- قهوة وسط أم سادة ؟
- وسط من فضلك·
- أحضرتِ القصة ؟
- أية قصة ؟
- قصتك!
- آه، تلك !
أية قصة سأعطيه، الأولى أم الأخيرة التي لم أكتبها بعد ؟ لا أدري· فكل القصص تبدو لي شوكة في حلقي· لا أدري أيتها أنا ! لم أتبيّن الأمر بعد·
يثقلني كثيراً صوت الآخر الذى يأتي مخترقاً كل العصور والخيالات ليوقعني بإيقاع حاضر بعيد كل البعد عن واقعي· على أية حال أرتشف قهوتي بابتسامة هادئة حتى أخبئ ما لم أكتبه بعد·
- مواعيدك دقيقة جداً·
- نعم فأنا سيدة الوقت·

Pages