المجموعة القصصية "بعيدا عن الذاكرة" للكاتبة أمنية أمين، نقرأ من أجوائها:
You are here
قراءة كتاب بعيدا عن الذاكرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

بعيدا عن الذاكرة
الصفحة رقم: 9
لذا، فالزمن هو الحاضر الذى يفتح للذاكرة حق التسبيح بالماضي· تسبيح الحاضر للماضى شيء يتسم به الوقت، لكن تكتنفه شوائب لأنه يصح بما عقل ويشوبه مالا يعقل مما مضى· فشئتُ أم أبيت، الماضي يسبح وعلمتُ أم لم أعلم، يظل الأمر كذلك· فمعية المعنى معي ولا تستخرج إلا بأسماء لا أريد تعيينها، لا أريد أن أعطيها ذكرى الحاضر·
قصتي يتبعها الكثير من الأحداث التى في حقيقة الأمر لم تحدث· فبدلاً من أن يسلم الحاضر ذكراه للماضى ويمضى للمستقبل، فقد توقف الحاضر وعجز عن إكمال القصة حين غادر وصفق الباب وراءه· لم تكتمل الأحداث وظل الحاضر محشواً بماضٍ غير مكتمل·
هذه قصتي· ليس بينها وبين القصص الأخرى سوى ليل طويل فقد عجز الحاضر عن التعبير عن زمانين في آن واحد: زمنه وزمني· فعندما غادر توقف زمنه أما زمني فلم يستمر لأنه لم يبدأ· كان زمني مستمداً من زمنه وحين غادر ترك الأشياء بلا أزمنة مُعرّفة وكَمُنت القصة في لغة غائبة·
أستطيع أن أصحو مبكراً لكنني لا أفعل، فنوافذ الصباح تنبئ بسكرات الحياة التى تشكو ساحات الماضي· يتشكل الآن بالقلم لكنه لم يعبر عني· أطوي صفحة وراء أخرى، يجف قلمي وآتي بقلم جديد لكن صدى الكلمة يظل مقترناً بماض بعيد· ترتسم الكلمات وتتجمع من كل جهة· تتداخل المعاني· أراكَ أمامي· أحاول أن أعبر عنك لكنك تبدو لي صغيراً مثلي تماماً· الجراح سريعة الوقع· أسمع صوت أقدام داخل الدار· يتوقف القلم بيدى ويتوقف الحاضر· أنظر أمامي، لا أرى أحداً· مازال الباب مفتوحاً· أضع قلمي فوق الصفحة التى لاتزال بيضاء· أخطو بثبات نحو الأمام كي أَخرجَ وأغلقَ الباب بهدوء·
- أُغطي عينيّ بكلتا يديّ حتى لا يؤلمني عدم سماع ما أتلهف إلى سماَعه·
- أُصِبتُ بالبكم والصمم، لكن فجعتني الذاكرة بعينين في الظلام·