You are here

قراءة كتاب شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

شخصيات وذكريات - المجموعة الثانية

ذكرياتنا هل تموت؟ ربما نفقد بعضها وربما يخفت البعض الآخر منها لكن الجزء الحبيب والعميق في النفس يظل الصدى يهز شغاف القلب بين الحين والحين··

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
من التقاليد القديمة التي لا تخلو من مغزى، وأهمية أيضاً، أن يذكر صاحب الأثر الفني والأدبي، مّن كان شيوخه، على مَن تتلمذ، وممن أخذ، ومَن أجازه، ومَن سمع منه، وكنت هذه الأسانيد تكسبه جدارة بنظر معاصريه ثم الذين يأتون بعدهم، الأمر الذي نلاحظ نقيضه في الأيام التي نعيشها في المرحلة الراهنة، إذ يظن البعض أنه يكبر وتزداد أهميته من خلال إنكار دور الآخرين، أو التقليل من تأثيرهم· أمّا في حال غياب المنافسين، خاصة بالموت، فيشعر هؤلاء أنهم اكتسبوا أهمية مضاعفة!
 
غياب هذا التقليد من حياتنا المعاصرة يجعل ذاكرتنا مثقوبة، أو كمن يمشي برجل واحدة، إذ لا تكتسب ثقافة أي شعب أهميتها، وبالتالي دورها، إلا من خلال استنادها إلى تراث، أي تجربة تاريخية طويلة وملموسة، تمنحها الشعور بالثقة، وتقدم لها الدليل والبرهان؛ ومن خلال تطلعها نحو المستقبل مع التصميم ورغبة التجاوز، مما يؤكّد التواصل من ناحية، والثقة بالنفس من ناحية ثانية·
 
قد يكون التاريخ بالمعنى السائد حالياً، عبئاً، يحاول الكثيرون التحرّر منه، في محاولة لاكتشاف المستقبل، أو الوصول إليه، لكن المستقبل لا يمكن إدراكه، وتالياً الوصول إليه، كما لا يكون قوياً وثابتاً، دون ذاكرة تاريخية، دون ركائز وعلامات تحدد النسب والعلاقات، وتُشير إلى الاتجاهات أيضاً، وهذا ما يُعطي بعض الكتابات، حتى لو كانت هوامش، دلالتها إن لم نقل أهميتها·
 
تعاقب الشخصيات والذكريات في هذا الكتاب يرسم كروكي، إن لم نقل مصوراً كاملاً، لمساحة الفن، خاصة المسرح، في عدد من البلدان العربية عبر فترة زمنية طويلة؛ يفعل ذلك من خلال التجارب والعلاقات الإنسانية، وبذلك التوهج الحي الذي يُساعد في تلمس البدايات ومعرفة المراحل، وحجم المساهمات، وأيضاً بذلك التفاعل العربي الذي نفتقده في المرحلة الحالية·
 
وإذا كان يوسف العاني قد رسم لنا تضاريس الحياة الفنية في العراق، وضمن مجالاتها المتعددة وأضاف إليها لقطات إنسانية لأستاذة وزملاء وأقرباء، فإنّه لم يغفل عن البعد العربي، إذ بمقدار ما كان وفياً لزملائه في بغداد، كانت علاقاته العربية أفقاً زاد ملامحه وضوحاً، وأكسب تجربته غنى، من خلال التفاعل مع المحيط، ومن خلال المشاركة النشيطة من أجل خلق مسرح عربي متميز، وسينما عربية لها ملامح المكان والمرحلة التاريخية، وهذا ما جعل شخصياته والذكريات تمتد إلى المنطقة كلها، وما جعل تجربته تكتسب بعداً عربياً لافتاً، الأمر الذي لا نجده بنفس الوضوح لدى آخرين، أو بنفس المقدار·

Pages