المجموعة القصصية "الاشياء الكثيرة المعروفة" - محاولة اولى لفهم ما يحدث، 62 لوحة قصصية تعري الواقع هي حصيلة المجموعة القصصية الأولى للقاص الليبي محمد زيدان، وتعمد إلى استكشاف خبايا بعض التفاصيل اليومية للناس العاديين البسطاء الذين يبحثون عن أوليات وبديهيات ا
You are here
قراءة كتاب الاشياء الكثيرة المعروفة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
(عاقبة)
كان صوته سيد الأصوات..
تموّج عالياً ، هابطاً ، صاعداً ، نازلاً ، وعابراً همهمات الحاضرين.. كلام ، وانفلتت في الأجواء رائحة شبق مكتوم:
- الحور العين هن نساء المؤمنين في الجنة...
- لكن يا شيخ.. تقصد أن مبروكة زوجتي ياخذها بو حمد ولد الفقي محيوس..؟!
- لا.. لا.. إن كانت مؤمنة فهي لك ، وإن كنت.....
فجأة.. نطّ (بوغزال) صائحاً :
- يا شيخ من هم الولدان المخلدون..؟
تنحنح الشيخ قليلاً.. اندفع يطارد أسراب كلمات لاحت له وحده: امتنع عن الـ..... في الدنيا ، يعطيك الله ولداناً مخلدين!!
(صدرت هذه الفتوى بعبارات مختلفة ، بأسماء مختلفة.. في موقف مختلف!)
(جبرية)
أزاح السقف الخشبي المتصدع.. نفض عن وجهه وشعره التراب، وانبثق خارج المكان..
اقترب من الجمع المحتشد داخل السور وألقى السلام. لم يرد أحد. جلس بينهم ، فيما بدا أكثرهم منشغلين عنه بمراقبة المرأة التي ترش الماء على القبر المهدوم محاولةً إصلاحه.
هبطت النسوة من المرتفع المعشب ، يحملن الخيوط البيضاء والمجامر ويصرخن في الصبية المتقافزين بين القبور.. أحدهم ينظر إليه بحنان غريب ، ثم يجفل مبتعداً نحو المرأة محطّ الأبصار.
نهض الحشد دفعة واحدة ، نافضاً عن بناطيله الأتربة ، ومتجهاً إلى البوابة المفضية إلى خارج المكان.. نهض معهم.. خطا قليلاً.. توقف.. التفت.. المرأة والصبي وحدهما..
- هيا عد الآن..
انزلق إلى القبر بهدوء.. تمدد في عتمته ، بينما كان التراب يتسافى على وجهه وشعره من خلال السقف المتشقق ، وصوت خطاهما يتلاشى في البعيد.. بأمانٍ تام!