قراءة كتاب مذكرات الجرذان الغريقة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مذكرات الجرذان الغريقة

مذكرات الجرذان الغريقة

رواية "مذكرات الجرذان الغريقة"، للكاتب الأردني وائل رداد؛ الصادرة عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

ـ قتلها الرصاص..
ـ قتلتها شظايا قذيفة رعناء.. صورتها محفورة في بالي بكل وضوح!..
ـ لكنكم حاولتم إنقاذها, أليس كذلك؟..
ـ صرخت بها كي تتحرك, لكنها ظلت واقفة كالبلهاء!.. كانت مرتعبة تنتظر منا نجدتها, فتحركت صوبها محاولةً إنقاذها, فنتج عن ذلك شظية أصابتني في ذراعي اليمنى مسببة لي ندبة أزلية.. ولما حاول زوجي نجدتي مزقته القذيفة..
ـ بذلت كل ما في وسعك لأجلها..
ـ ليتك شاهدت والدتها التي أذهب الحزن عقلها, زرتها محاولة التخفيف عنها, وأخبرتها بأني قد حاولت مساعدة ابنتها ولم أفلح.. أتدري بما ردت؟..
ـ تمنت هلاكك بدلا من ابنتها؟..
ـ بالضبط!.. يا شيطان!.. هذا ما قالته لي بالضبط وهي ترمقني بتلك النظرة الرهيبة التي لن أنساها ما حييت..
ـ وتمنيت لو أنك هلكت منذ ذلك اليوم تماما كما يحدث في الأفلام, أليس كذلك؟..
ـ هل تسخر مني؟..
ـ المرأة نجحت في تحميلك الذنب كاملا, أنت التي سخرت من نفسك..
فتضحك أم (توفيق) متلفظة ببعض العبارات عن ظرفي, ثم تسترسل:
ـ لو أنك فقط تشاهد الكوابيس المروعة, أعوذ بالله..
ـ للعقل أسراره ودهاليزه, لكننا وحدنا الذين نقرر ما إذا أردنا معرفة الطريق الصحيح داخله أو الضياع..
ـ وأنا ضائعة, تائهة!..
ـ لا أظن ذلك..
ـ ولم؟..
ـ لأننا نسمي هؤلاء مجانين, فهل أنت مجنونة؟..
ـ وجودي في هذا المكان وهذه العيشة معك سيجعلني كذلك!..
لنا جارة أخرى مطلقة تعيش مع ابنتها القبيحة ذات البثور والشعر المجعد والدماغ الخفيفة.. لربما كانت الفتاة الوحيدة التي أحبتني بصفاء ودونما رياء, تماما كما يحب الكلب صاحبه, كانت مخبولة تجيد اقتفاء أثري عندما أدخل وأخرج, وكنت أشعر بالشفقة عليها وهي تستقبلني بنظرات الفرح الطفولية, تناديني بـ «يا حلو»!.. فأبتسم لها بحزن وأسف..
أما عائلة (إيمان) فقد سكنت شقة في الطابق الذي يعلونا, مستوى معيشتهم كحالنا, فدخل والدها مدرس الرياضيات بالكاد يكفي متطلباتهم, إلا أن جمال (إيمان) وقدومها بعد عدد من الأشقاء أكسبها معزة خاصة في نفس والديها, وقد شعرت بالإعجاب الذي حام من حولها, مم انعكس إيجابا على ثقتها بذاتها..
ولم تكن علاقتنا معهم طيبة لحادثة قديمة وقعت لما كنت ألهو مع ابنتهم في الصغر..
كنا ـ أنا و(إيمان) ـ نتسلل للسطح دائما لاختلاس نظرات فضولية ذات نهم لا يمكن إشباعه, حيث يصعد شقيقها الأكبر مع خطيبته ابنة مدرس اللغة الانجليزية الذي يقطن الشقة المقابلة لشقتهم.. نراقبهما بمكر طفولي أريب وهما يتهامسان, حتى تحين اللحظة التي ننتظرها بشغف, حين يمسك شقيقها ذقن خطيبته كي يوقع قبلة طويلة على شفتيها الخاضعتين, وعندئذ نحاول بشتى السبل كتم ضحكاتنا كي لا ينفضح أمرنا.. حتى مقدم يوم لم نتمكن فيه من الكتمان أكثر, فانطلقنا معا في قهقهة مجلجلة جعلتهما يجفلان, ولوّح الشاب بقبضته في الهواء لما وقع بصره على شقيقته الصغرى صائحا بغضب أثار هلعنا بشدة:
ـ يا شقية سأريك!..

Pages