كتاب "تحولات الصورة" للكاتب أثير السادة، يناقش من خلاله أهمية الصورة على واقعنا المعاش من كافة جوانبه، الاجتماعية والسياسية، فهل الصورة فعلاً تختصر تعقيدات الحياة، وتختصر تناقضاتها؟
You are here
قراءة كتاب تحولات الصورة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
ومع نمو التجربة نما الإحساس بجماليات وإمكانات هذه الصنعة، وبدا المشتغلون في صناعة الصورة الفوتوغرافية أكثر اقتداراً على إثبات حضورهم إبداعياً وهم يقتربون بالكاميرا إلى كل تفاصيل الحياة، يرصدون كل الأشياء من حولهم، في امتياز حقيقي يتعذر الحصول عليه في تجارب الرسم وأشكال التصوير الأخرى، ومن هناك أفاد التشكيل من التصوير الضوئي في وجوه عدة، فقد وجهت الكاميرا الأنظار إلى زوايا غير منظورة، لحظات غير مدركة ضمن جزئيات الحركة، كما استعان البعض بالصورة لاستكمال أعماله الفنية، وفي كل ذلك إقرار بفرادة هذا الجهاز العجيب.
لقد سعى المصورون إلى إعادة الاعتبار لدور المصور في صناعة الصور، وهو الدور الذي تم انتقاصه تحت دعاوى النقل المباشر للواقع ومحدودية القدرة على التدخل، فكانت البراعة في تصوير المواضيع وابتكار الأفكار، ومحاولة محاكاة فن الرسم في أحيان أخرى كما في تنعيم صور البورتريه، الأمر الذي ساهم في بناء القناعة وإن في شكلها البسيط بوجود لمسات المصور على الصورة الفوتوغرافية.
وشيئاً فشيئاً بدا الحديث عن إمكانية خروج الصورة عن مجرد النسخ المباشر مستساغاً ومتداولاً، إلى أن صرنا اليوم نتحدث صراحة عن وجود أشياء عديدة لها اتصال بعملية إنتاج الصورة، ولها فاعلية في توجيه الصورة وبناء دلالاتها، منها سياق الصورة، موضوع الصورة، علاقة المصور بالصورة وهكذا..
وقد قدمت الدراسات السيميولوجية لاحقاً على هذا المستوى وصفاً تحليلياً لتلك للعناصر الرئيسية في بناء الصورة والعلاقات المتداخلة فيما بينها، ضمن اشتغالها على تحليل النماذج غير اللسانية، وهو تحليل مبني على النظر إلى الصورة بوصفها لغة، لها قواعدها ونماذجها، كما هو موضح في الرسم المدرج أدناه، والذي يمكن لنا أن نعتبره تخطيطاً لأشكال الصرف والنحو في بناء الصورة. (أنظر الصورة ص16)