كتاب "تحولات الصورة" للكاتب أثير السادة، يناقش من خلاله أهمية الصورة على واقعنا المعاش من كافة جوانبه، الاجتماعية والسياسية، فهل الصورة فعلاً تختصر تعقيدات الحياة، وتختصر تناقضاتها؟
You are here
قراءة كتاب تحولات الصورة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
ثمة مصورون جدد لكن ليس بالمعنى التقليدي، فهم في الغالب لا يملكون دراية فنية بتقنيات التصوير، بل يفيدون من الصورة في تصعيد الجدل المعرفي الذي تنحو باتجاهه فكرة العمل، ما يمنح العمل قيمته الجمالية التي تتصل بالدرجة الأولى بجماليات التلقي من المنظور النقدي الحديث.
الصورة اليوم في صيغتها الرقمية هي أقرب لتصورات ما بعد الحداثة، من حيث انفتاحها على قابليات التركيب والتفكيك، فهي بحسب الأوصاف الجديدة حزمة من الطبقات والشرائح، وعدد مقدر من البكسلات.. هي اليوم أكثر مرونة، أكثر طواعية، تبدو كمجموعة "بكسلات" قابلة للحركة، وعليه تتكاثر احتمالات الخداع، أي بنحو هدم معنى وبناء آخر، وإذا كانت الصورة في وجهها الإبداعي تعيش أسئلة جمالية مع تنامي حضور الفوتوشوب، أو لنقل فنية لمزيد من الدقة، فإنها في وجهها الوثائقي تواجه أسئلة أخلاقية حول مصداقيتها وقيمتها، حول التزام المصورين برواية الواقع كما يرونه عبر الصورة.
كلنا يمارس بنحو أو بآخر محاولة التأثير على الصورة بعد التقاطها عبر البرامج المعروفة لتصحيح الصور، وثمة ما هو مشترك ومتفق عليه كسلوك مقبول في معالجة الصور كتصحيح عمق الألوان، وإزالة الزوائد، ومعالجة مساحات العتمة الناتجة عن فوارق التعريض، وهذه المعالجات يجري قبولها باعتبارها تصحيحاً لأخطاء فنية وليس التأثير على اتجاه الموضوع بغرض التضليل أو تزييف الحقائق.
إنها صورة الواقع الجديد، أو الحقيقة الجديدة، وفيها يمارس الكمبيوتر عملية هدم وإزالة لكثير من يقينيات الصورة، وتعريض المسافة بين الأصل والصورة، وإعادة تأهيل لعلاقة الصورة بالتصاميم، وعلاقة الصورة بالرسم والنحت، وعلاقة العين بما ترى وما لا ترى من الصورة الفوتوغرافية، حتى انتهينا اليوم في عهد الديجتال إلى السؤال إن كان ما نراه من هذا الفن الجديد هو صورة فوتوغرافية أم لا، وذلك في صورة مقلوبة من السؤال القديم الذي كان يجادل حول ما إذا كانت الصورة الفوتوغرافية من أشكال الفن!.