كتاب " أساليب تدريس اللغة العربية " ، تأليف د. أحمد إبراهيم صومان ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب أساليب تدريس اللغة العربية - د. أحمد إبراهيم صومان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

أساليب تدريس اللغة العربية - د. أحمد إبراهيم صومان
أما حفظ تراث الإنسانية فينقلنا للبحث عن:
د- الوظائف الثقافية للغة:
1- اللغة هي التي سجلت للإنسانية تراثها العقلي في نواحي العلم والمعرفة والفن والأدب، وحفظته ذخراً تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل.
واللغة هي التي ربطت حاضر الإنسانية بماضيها، وعملت على احتكاك حضارات الأمم وازدواج ثقافتها بالترجمة والنشر فازداد التقدم العلمي ووصلت المخترعات والمدنية والرفاهية إلى ما نراه اليوم...
من أجل ذلك كانت اللغة مرآة لخصائص الأمة العقلية، ودليلاً على تقدمها الفكري، ومميزاتها في الإدراك والوجدان والنزوع، ومدى ثقافتها، ومنهجها في التفكير، وتفسيرها لظواهر الكون وفهمها لما وراء الطبيعة... كل ذلك ينبعث صداه في لغتها... ويظهر أثره في تراكيب هذه اللغة. لذلك كانت دراسة آداب اللغات من أهم وسائل معرفة الشعوب.
2- اللغة هي الوسيلة التي يعتمد عليها في تربية الطلبة وتثقيفهم وتوجيههم، وهي الأساس الذي يقوم عليه كسب خبراتهم ومعارفهم ومهاراتهم، كما أنها وسيلة تحصيل الثقافات وكسب المعارف والحقائق العلمية بالاطلاع والاستماع سواء أكان ذلك في المدارس أم في غيرها من مجالات الحياة، في الصحف والمذياع ودور المطالعة وغير ذلك..
3- ولعل من معاني التثقيف وآثاره، تطوير السلوك وتوجيه الحياة بعد نمو قوى الإنسان العقلية. فكثير من الشباب، الذين تأثروا بقصة قرؤوها، أو ببطل عربي تتبعوا حياته وتقمصوا عاداته، أو بكتاب إلهي خالد كالقرآن، تبنوا تعاليمه، وخشعوا بقراءته لنداء ربهم، فكان للغة أثرها العظيم في تطوير حياة هؤلاء وبمثل هذا التأثير الرائع للغة القرآن وإعجازه تغيرت نفوس أجدادنا العرب، فأصبحوا أبطالاً فاتحين للقلوب، وحملة رسالة خالدة، بعد أن كانوا تجاراً غزاة رعاة، لا هدف لهم ولا هم إلا الحياة وإلا حفظ البقاء ضمن حدود القبيلة الضيفة. فوحدهم القرآن، وألف بين قلوبهم بمعانيه العظيمة المعروضة عرضاً جذاباً بلغة رصينة محببة وأسلوب سلس عذب، وجعل منهم قادة الدنيا في السياسة والحضارة والفكر والثقافة، مدة قرون طويلة...
اللغة العربية في ضوء الوظائف السابقة:
هذه أهم وظائف اللغة وأهدافها في النفس والمجتمع، وفي مجال الثقافة والحضارة ولقد قامت اللغة العربية بهذه الوظائف خير قيام، وحققت جميع هذه الأهداف خير تحقيق.
فكانت – من الناحية النفسية – سلوة للعربي في صحرائه، وأنيسه في حقله وعمله، يعبر بها عن مشاعره، ويهدهد أعصابه المتعبة بأناشيدها وأشعارها، ويطلق العنان لخياله: يجري ويحلق في سماء مثلها العليا، بتلاوة آيات القرآن..
وكان لها أعظم الأثر في تربية نفوس العرب وانعكاس ذكائهم، فاشتهروا بسرعة البداهة ودقة الفهم ووضوح الفكرة مع اختزال العبارة وبعد الإشارة..
كما كان لها القدح المعلى في قوة التأثير، وبلاغة التعبير حتى إن قصائدها وآيات إعجازها لتأخذ بالألباب وتبهر العقول...
أما من الناحية العقلية والثقافية فقد كان للعرب منطقهم الخاص الذي برزوا به غيرهم من الأمم؛ وانتقد فلاسفتهم – كالغزالي، وابن تيمية – منطق اليونان؛ وصاغوا من لغتهم تصورات ومفاهيم أخذها عنهم شعوب الأرض فنقلوا بعضها بلفظه وبعضها بمعناه، كمصطلحات العلوم من رياضيات وكيمياء وطب، وعربوا كثيراً من مصطلحات الأمم الأخرى ومفاهيمها، وأوضحوا غامضها. وغزت هذه اللغة بمصطلحاتها ومفاهيمها وألفاظها جميع اللغات التي تسرب إليها الفتح العربي الإسلامي، كالتركية والفارسية والهندية والصينية...
وكان علماء الغرب من روم وبيزنطيين وأسبان وإفرنج يتفنون اللغة العربية ويفدون إلى جامعات الأندلس وبغداد يدرسون فيها الطب والعلوم والفلسفة والمنطق، حينما كانت اللغة العربية حاملة مشعل الحضارة ممسكة بزمام القيادة الفكرية للعالم (خرما، 1978).