كتاب " الأوتاد " ، تأليف سعيد بن سلطان الهاشمي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب الأوتاد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأوتاد
التنمية.. حقٌ إنساني
في الجانب الآخر فإن التنمية لفظٌ صاحَبَهُ جدل عكس مدى الوعي الذي وصل إليه الإنسان وإدراكه لترابط معارفه وخبراته، وأثر تلك المؤثرات التي تحيط به عليه. المفهوم الضيق للتنمية والأكثر شيوعاً: يُقصد به التنمية الاقتصادية، وهو ما تُفضل أدبيات البنك الدولي استخدامه؛ ويعتمد هذا المفهوم على فكرة الإدارة الرشيدة بدلالة النمو الاقتصادي، وعلى أساسه صنفت دول العالم؛ دول متقدمة وأخرى نامية.
بينما يستند المفهوم الواسع إلى فكرة التنمية الإنسانية ببعدها الشامل؛ حيث يرتفع إلى مستوى السياسة، فيعالج مسألة الحكم والعلاقة بين عامة الناس والإدارة الحاكمة، كما يراعي مسألة الشرعية والمشاركة والتمثيل والمساءلة، بحسب ما يذهب إليه تقرير التنمية الإنسانية العربية (16).
وتبرز الحرية هنا كفكرة جوهرية ومركزية في عملية التنمية الإنسانية، خصوصاً إذا اعتبرنا أن التنمية الإنسانية هي:"عملية توسيع خيارات الناس"، وبهذا المعنى، فإن للناس، ولمجرد كونهم بشراً، حقّاً أصيلاً في العيش الكريم مادياً ومعنوياً، جسداً وروحاً، مما يترتب على ذلك: شمول المفهوم على مبدأ المساواة، وعدم التمييز بين البشر وفقاً لأي اعتبار اجتماعي أو اقتصادي أو ديني أو قومي أو لغوي أو جنسي، أو غيره.
ومع اتساع مفهوم التنمية ليشمل الجوانب المعنوية، مثل الحرية واكتساب المعرفة واحترام الكرامة الإنسانية.تعززت هذه الجوانب كأساسيات مهمة في حياة البشر، وليست كما تحرص كثير من الأنظمة على إشاعتها على أنها من قبيل بذخ المجتمعات وكمالياتها المُجمِّلة والبراقة.
ولذلك فالتنمية اليوم لا تعني الوفرة المادية فحسب، ولكنها تتطلب بناء القدرات البشرية لتحقيق الرفاهة، والتوظيف العقلاني لتلك القدرات في جميع مجالات النشاط الإنساني (17).
هكذا إذاً فالتنمية لا تعني مجرد تنمية الموارد البشرية، ولا حتى تنمية بشرية فقط، أي تلبية الحاجات الأساسية، لكنها تنمية إنسانية شاملة للبشر والمؤسسات المجتمعية لتحقيق الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
والمفهوم الواسع للتنمية الإنسانية يضيف إلى الحريات المدنية والسياسية (بمعنى التحرر من القهر ومن جميع أشكال الحطّ من الكرامة الإنسانية، مثل الجوع والمرض والفقر والخوف) الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ليصل إلى قاعدة عريضة تعتمد على مبادئ حقوق الإنسان واستحقاق هذا الإنسان للعيش والاستمتاع بالحياة.بكلمة واحدة الحرية هي الضامن وهي الهدف للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان (18).