You are here

قراءة كتاب باع سمك بالبحر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
باع سمك بالبحر

باع سمك بالبحر

كتاب " باع سمك بالبحر " ، تأليف فيصل فرحات ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

كان الوقت في الصباح الباكر، مع طلوع الضوء في سماء داكنة وملبدة بالغيوم، ولكنه استطاع كعادته أن يعرف بأن الساعة هي حوالى الخامسة صباحاً، فنهض من فرشته واضعاً اللحاف على الطرف لجهة الحائط، وأمسك يد كرسيه ووقف شبه ملتوٍ وهو يضع يده على الطاولة وينظر إلى شاشة التلفون بعد أن كبس على زر الفتح وهو يضع نظارتيه وقال: «ع البكلي» (مبكّل، أي بالضبط). ثم ارتمى على فرشته وهو يمسك بطرف اللحاف وتغطى به رامياً رأسه على الوسادة ومتنفساً بشيء من التعب والإرهاق الشديد بعد «ويك اند» جنسي مع جوليا وزينة كل على انفراد. وفي ليلة البارحة مساء الأحد كانوا قد تعشوا معاً في مطعم ياباني وافترقوا كلٌّ باتجاه. جوليا وزينة ذهبتا بسيارتهما وهو فضَّل أن يأخذ السرفيس إلى الحمراء. واتفقوا على أن يتناولوا طعام الغداء اليوم الإثنين في منزل جوليا. فمضّ لسانه وشفتيه داخل فمه وبلع قليلاً من ريقه شبه الناشف وأغمض عينيه تاركاً إياها تسرحان وتمرحان على هواهما. وإذ بفكرة الزواج من أميركية من نيويورك توقظه وتجعله يفتح عينيه، إذ بدت ورقة ضغط رابحة ضد زينة لدفعها إلى حسم خيارها والزواج به. فابتسم وضحك قليلاً وأعاد إغماض عينيه. وبعد لحظات عاد وفتَّح ليرى الحائط والسقف «المقشر» ببضع شقف سقط عنها الدهان، وأخرى مازال التفسخ معلقاً بطرفها الثاني، ثم حدّق في مكان البقعة الباطونيّة التي هوت يوماً وكادت أن تقع على رأسه، ما جعل في السقف «جورة». فابتسم بشيء من الاستهزاء، متذكراً المرات الكثيرة التي وعد نفسه بها كي يدهن بيته الصغير ولم يفعل لأسباب عديدة، منها الكسل. وقليلاً ما اهتمّ بعمل شيء لمصلحته الخاصة، لدرجة أنه أهمل حتى دهن وتنظيف بيته! وفجأة، جلس وبيديه طرف اللحاف ناظراً إلى اللاشيء، ثم استدار راكعاً على ركبتيه ونهض بهمة مفاجئة مُرجعاً طرف اللحاف إلى الوسادة ووضع رجليه في خف ثم وضع يده على طرف الطاولة وجلس على كرسيه بتمهل ملحوظ. أسند ظهره إلى ظهر الكرسي رافعاً رأسه قليلاً نحو الأعلى فرأى السقف «المقشّر» (المقشور) و «المصفرّ» من الدخان، ثم أغمض عينيه للحظات سبح فيها في الفضاء، ومباشرةً خطر في باله رواد الفضاء، وكيف يطيرون بعد أن يخرجوا من المركبات الفضائية ليصلحوا عطلاً ما أو ليركبوا قطعة جديدة «طلعت» (أتت) إليهم من الأرض. فكان منظراً خيالياً بامتياز حين تذكّر مشاهد لرواد الفضاء خارج المركبة على شاشة التلفزيون، مضيفاً إليها مشهداً فضائياً خيالياً حيّاً رأى فيه عن بُعد أمتار رائد فضاء يجمع «كبسولة» في المركبة في سماء كحليّة اللون ومليئة بالنجوم الكبيرة والصغيرة، والهواء سريع وبطيء في آن، ولا يشعر به وجه الرائد من خلف زجاج قبعته أو الجزء الأعلى من ثوبه الفضائي، ورجلاه تسبحان. وهنا تمنى لو أن عدوى التعاون ما بين أميركا وروسيا في الفضاء تنتقل وتُعاش على الأرض. وكذلك الحال ما بين الدول الكبرى الأخرى. وهنا ضحك قليلاً وهو ينهض عن الكرسي بشيء من الخفة ومشى نحو المطبخ، حيث غسل إبريق شاي جديداً كان قد اشتراه واستعمله ليلة البارحة، وفجأة توقف وتناول ركوة قهوة صدئة معلقة على خشبة الفرم وقرّبها من الإبريق وقال: «يا حرام».

Pages