You are here

قراءة كتاب حقوق الإنسان ومعاييرها الدولية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حقوق الإنسان ومعاييرها الدولية

حقوق الإنسان ومعاييرها الدولية

النزعة الفردية نزعة عريقة في وجودها أمن بها الرومان وبعض من سبقهم في المجتمع القديم، وقد ظهرت هذه النزعة الفردية نتيجة لطغيان الحكام والسلطة المطلقة للطبقة الحاكمة وكرد فعل لها، وتهدف تحرير الفرد من هذا الظلم وحماية حقوقهم وكفالة تمتعهم بها، انتعشت فكرة الح

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

1- مقدمة

رغم انتشار مصطلح الحق في الحياة اليومية والعملية ورغم أهميته وأصالته في الشرائع المختلفة هناك من الفلاسفة وفقهاء القانون من ينكره وينادي بالتخلي عن استعماله.

فقد تعرضت فكرة الحق لهجوم شديد من جانبهم وفي مقدمتهم أوجست كونت والذي يقول: (إن الجماعة يجب أن تأخذ مكانها فوق كل شيء، وان أعضاء الجماعة لما بينهم من ترابط وتضامن، لا يجوز لهم أن يضعوا أنفسهم فوقها…. فلا توجد حقوق، بل وظائف اجتماعية ثم لا مزيد على ذلك)، وكذلك الفقيه الفرنسي ليون دكي Leon Dugout. والفقيه النمساوي هانز كلسن Hans Kelsen وأنصار المذهب الاشتراكي.

حيث أن الفقيه ليون دكي يقول بهذا الخصوص: (الحق الطبيعي واللصيق بالفرد لا يمكن التسليم به لآن الإنسان المنفرد لا يمكن أن يكون له حق).

وتقوم نظرية كلسن على استعباد كل ما يرتبط بالاعتبارات السياسية والعقائدية والاجتماعية والخلقية والفلسفية من نطاق دراسة وتحليل الظواهر القانونية. ونقطة البدء عند كلسن هي أن القاعدة القانونية لا تتمثل إلا في القانون الوضعي وأن كل قاعدة تستمد قانونيتها من القاعدة التي تعلو عليها وهكذا. وهذا القانون الوضعي ينشىء التزامات ولا ينشىء حقوقا.

وعلى ذلك فإن كلسن ينكر فكرة وجود الحق، فالحق لديه لا يختلف عن قاعدة من قواعد القانون الوضعي. فكل قاعدة تقرر التزاما معينا ولكنها لا تقرر حقا فرديا وتلتقي نظرية كلسن مع نظرية دكي في سلب لفظ الحق جوهره لا نهما تنفيان وجود الحق.

أما المذهب الاشتراكي، لا يعني بالإنسان كفرد في ذاته منعزل ومستقل عن غيره من الإفراد ولكنه يعني به ككائن اجتماعي مرتبط بغيره ومتضامن معهم في تحقيق مصلحة الجماعة التي ينتمي أليها ويضع مصلحة الجماعة في المقدمة كما ينكر وجود حقوق طبيعية للفرد سابقة على وجود المجتمع.

بعدما عرضنا أراء بعض الفقهاء من أنصار الناكرين لفكرة وجود الحق واتجاه الفكر الاشتراكي حول هذا الموضوع، نقوم الآن بعرض أفكار المؤيدين لفكرة الحق حيث يمثلون أغلبية الفقهاء والفلاسفة الذين تطرقوا لنظرية الحق وهم أنصار المذهب الفردي.

النزعة الفردية نزعة عريقة في وجودها أمن بها الرومان وبعض من سبقهم في المجتمع القديم، وقد ظهرت هذه النزعة الفردية نتيجة لطغيان الحكام والسلطة المطلقة للطبقة الحاكمة وكرد فعل لها، وتهدف تحرير الفرد من هذا الظلم وحماية حقوقهم وكفالة تمتعهم بها، انتعشت فكرة الحقوق الطبيعية للإنسان في الفكر الفلسفي في القرنين السابع عشر والثامن عشر وبلغت ذروتها أبان الثورة الفرنسية ووضعت الفلسفة الفردية موضع التطبيق مستندة إلى نظرية القانون الطبيعي، وهي النظرية التي تنادي بوجود مثل عليا لا تتغير من حيث جوهرها بتغير الزمان والمكان رغم تغير مضمونها بمرور الزمان بفعل العوامل المختلفة.

حيث انطبعت هذه الفكرة بطابع فلسفي لدى اليونانيين ثم تغير مضمونها فانطبعت بطابع قانوني عند الرومان ثم اصطبغت بصبغة دينية عند رجال الكنيسة واصطبغت فيما بعد بصبغة سياسية في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

ووفقا لهذا المذهب فإن للفرد حقوقا يكتسبها من الطبيعة بصفته إنساناً وهي لصيقة به وأنها في وجودها لا تستند إلى وجود الدولة والقانون. فالفرد، وهو الهدف الأسمى من كل تنظيم قانوني، يتمتع بهذه الحقوق قبل وجود الجماعة. وسوف نتكلم عن ذلك بالتفصيل عند دراسة حقوق الإنسان وعلاقتها بالحقوق الطبيعية في ثلاث فقرات، نخصص الفقرة الثانية بعد المقدمة، لدراسة مفهوم حقوق الإنسان ونشأتها وتطورها الفكري، ونتكلم في الفقرة الثالثة عن المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وفي الخاتمة، نقوم بعرض أهم النتائج التي توصلنا إليها في هذا البحث مع بيان التوصيات اللازمة بهذا الصدد.

Pages