كتاب " تحديات ومواقف - سلسلة أضواء كاشفة (1) " ، تأليف محمد السيد ، والذي صدر عن دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2013 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قال رسول الله :
العصبية: «أن تعين قومك على الظلم».
وقال : «الدين النصيحة».
قراءة كتاب تحديات ومواقف - سلسلة أضواء كاشفة (1)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

تحديات ومواقف - سلسلة أضواء كاشفة (1)
التحدي في الفرار إلى الله
قال الله سبحانه وتعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) [الذاريات آية: 50].
الدعاة والمسلمون يتعرضون في كل عصر إلى الكثير من فتن وجواذب الحياة، وهم في هذا العصر تتناوشهم الفتن والجواذب الأرضية أضعافاً مضاعفة، وذلك لما اتسم به عصرنا هذا الذي نعيشه من قدرة هائلة على تزيين الأفكار، وزخرفة الباطل، وإمكانيات مدهشة في مجال الاتصال وبث الصور الحية، ومخاطبة الناس أينما كانوا ومهما كانوا.
لقد أثقلوا الحياة بشتى الأفكار، وعلقوا الإنسان فيها بقيم لا تزال تمسك بعنقه فتلويه، ولا فكاك له منها إلا باللجوء إليها، ما دام قد أسلم روحه وعقله وقلبه لها من قبل، فقيم الاستهلاك التي تستولي على نواصي الإرادة عند الإنسان في هذا العصر، وقيم الانفلات من كل الضوابط التي تقود هذا الإنسان إلى حتفه وهو يظن أنه قد حصل على حريته الكاملة، وقيم تأليه الإنسان وعقله التي جرته إلى صنع آلة دماره، وهو يظن أنه يخترق ملكوت كل شيء، وقيم التميز العرقي وما جرت على الإنسان من مآسي الهيمنة والعبودية والاستعمار والحروب المدمرة. كل هذه القيم والأفكار التي ضج انتشارها وعلا صوتها، أدت إلى مزيد المزيد من تعلق النفس البشرية بأوضار الأرض. وسلعتها الفانية، وما تقتضيه هذه من خضوع لضرورات المعاش، والتعلق بالأسباب، والتشبث بالحرص، والانحياز أكثر فأكثر إلى الفردية، والانطواء على الهموم الخاصة.
ويتعرض المسلمون اليوم والدعاة منهم بصورة خاصة إلى مثل هذا الامتحان الصعب؛ من هجوم عليهم بكل أسلحة الحياة الثقيلة، التي تحاول إبطال مفعول المقاومات الذاتية، من خلال العرض المتقن أولاً، ثم من خلال الإحاطة التامة التي توهم بانقطاع المدد وفقد الأمل.
وتأتي الآية الكريمة لتنزل على قلب الداعية المسلم في هذا العصر طازجة ندية رطبة عظيمة التأثير، شديدة التنبيه والتحذير، قوية في الإيقاظ «ففروا إلى الله» والفرار إلى الله قضية المؤمن، إذ تفتح وتوسع أعين الدعاة، وتوقظ ملكات التلقي الواعي الحاضر، لتردد الألسنة لاهجة متلهفة: من ماذا يا رب نفرُّ؟ فتأتيهم الأجوبة فذة حكيمة قائلة: إذا قيل لكم: - إن الحياة خضرة حلوة عذبة. فقولوا نعم ولكن الجنة أنعم وأعذب وأدوم وأعلى وأغلى وأبقى.
ونحن نفرُّ من الفانية إلى ما عند الله من نعيم أدوم وأبقى وأغدق.

