كتاب " صفحات مطوية من التاريخ " ، تأليف عيسى إبراهيم اللوباني ، والذي صدر عند دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2014 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
You are here
قراءة كتاب صفحات مطوية من التاريخ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

صفحات مطوية من التاريخ
مع هتلر
يقول المفتي:
في الرابعة والنصف بعد ظهر 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 1941 قابلت أدولف هتلر فوهرر ألمانيا وزعيم الرايخ الثالث ولم أكن أنتظر أن أستقبل بمراسم استقبال رسمي.
فعندما ترجلت من السيارة في ساحة المستشارية وفي مدخل بوابتها الكبيرة استقبلتني الموسيقى العسكرية وطلب إلي مرافقي موظف المراسم في وزارة الخراجية أن أستعرض سرية من حرس الشرف، ثم صحبني عبر قاعات المستشارية الكبرى وممراتها حتى قاعة الانتظار، فطلب إلي رئيس المراسم أن أنتظر حتى يعلن عن قدومي، وبعد أقل من دقيقة استقبلني هتلر في مكتبه وأبدى الترحاب حين دخولي. وكان يحيط به عدد كبير من خاصته وبينهم ترجمانه الخاص الهر شميدت الذي نقل لي حديثه إلى الفرنسية.
قال لي بعد أن طلب إلي الجلوس أمامه: أهنئك وأهنئ نفسي أن قد نجوت من عدونا المشترك، لقد تابعت قلقاً مراحل تنقلك من طهران إلى برلين، إني أعتبر خلاصك نصراً، إن تاريخ حياتك معروفاً عندي بتفاصيله، إن كفاحك يحظى باحترامي، إني أقدر المعركة العظيمة التي خاضها الشعب الفلسطيني بشجاعة وحيداً لا يعتمد على أحد ضد الإمبراطورية الإنكليزية واليهودية العالمية. إن جرأة هذا الشعب وتصميمه العنيد وتمسكه بحقوقه وتفانيه تستحق إعجاب العالم.
كانت قوة صوته ولهجته الصارمة العميقة تخيل لي أنها تتردد في القاعة. كانت تعبير وجهه ترتسم على وجوه الذين حوله حتى كان كلاً منهم يردد في داخله أقواله التي تقطعها الترجمة ولاحظت أن شفاه بعضهم تتحرك وكأنها تتمتم معه ما يقول. وكانت عيونهم تتسع حدقاتها أو تصغر وفقاً لحركة عيني الفوهرر وكانوا يقطبون حواجبهم أو يحركون رؤوسهم معه بحيث تبدو عليهم المشاركة في التعبير كأنهم مأخوذون بمغناطيسيته. كان جو الحديث حاراً على هدوء وكانت لهجة الفوهرر المليئة تضاعف معنى الكلمات فتحفرها في ذاكرة محدثه حتى كان لها معان أبعد من معانيها الحرفية وينعكس فيها مزاجه العنيف.
قال: «إن لإقامتك بيننا معنى كبير ويجب أن تؤتي ثمارها، وأعلم أن هدفك الأول أن تعبر عن الآمال العربية وإرادة هذا الشعب بالكفاح ضد عدو الإنسانية المشترك».
وترك لي بعد ذلك مجال الحديث، وبعد أن شكرته لكرم الضيافة الذي لقيته في ألمانيا ذكرت العلاقة الطيبة التي تجمع بين ألمانيا والإسلام والتي تحققت في عهد السلطان عبد الحميد. وقلت إن ألمانيا لم تعتدِ يوماً على أي بلد عربي إسلامي رغم تاريخها الطويل. ولقد عانى شعبنا سياسات ظالمة غير شاعرة بحقوق الشعوب في الحياة والحرية، ولا شك أيها الزعيم أنك على علم ودراية بكل ما حل بالعرب من قبل بريطانيا وغيرها ونكثها بوعودها. كما أن شعبكم رزح تحت شروط معاهدة فرساي ونتائجها الهدامة المخربة.
وإننا نحن أبناء فلسطين سوف نتمسك بأرض الوطن مهما كانت التضحيات والنتائج. إن شعبنا الذي قاسى من تجربة الحرب الكبرى ليرغب في عقد معاهدة مع بلدان المحور وخاصة مع ألمانيا تحفظ حقوقه وتعلن على الرأي العام حتى إذا انتهت شكوكه انضم إلى المعركة التي هي معركتنا ضد عدونا المشترك.