You are here

قراءة كتاب العرب خارج عروبتهم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العرب خارج عروبتهم

العرب خارج عروبتهم

كتاب " العرب خارج عروبتهم " ، تأليف طلال سلمان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

عن الإسلاميين والسلطة: كيف تغيب فلسطين عن الشعار الديموقراطي؟

يعاني المواطن العربي - بأكثرياته المسلمة - من خلل فاضح في علاقته بتنظيمات الإسلام السياسي.

لقد نشأ وهو يحمل لها صورة غير محببة تبدأ من شكليات، كالقيافة المميزة واللحى، وصولاً إلى السجن الذاتي للمرأة في لباسها الذي يظهرها أسيرة دهور التخلف والخوف من الشمس، وتنتهي في الطروحات السياسية الملتبسة التي كثيراً ما أساءت إلى هذه التنظيمات، إذ أظهرتها وكأنها خارجة على هوية الأمة، لا هي تقر بالوطنية ولا هي تقبل بالعروبة هوية جامعة.

على مر السنين، وعبر معارك المواجهة مع القوى الاستعمارية، ثم في معارك الاستقلال الوطني وإقامة الكيانات السياسية، كانت التنظيمات الإسلامية مشغولة بأمور أخرى، بينها ترميم الخلافة الإسلامية (العثمانية) أو إقامة خلافة أممية جديدة، وفي كل الحالات المناداة بالإسلام هو الحل، حيث تكون المعارك السياسية محتدمة، ويضيق مجالها الفكري أو ميدانها العملي عن استيعاب الدين بتنوعاته الفقهية ومنطلقاته وقواعده المطلقة التي لا تتناسب مع مجتمعات قائمة على التعدد وحق الاختلاف.

حتى في قضية فلسطين، والصراع الذي ما زال مفتوحاً مع المشروع الإسرائيلي الذي هو حصيلة مخطط دولي اجتمعت على إعداده دول كبرى وهيئات ومنظمات اجتماعية وفكرية ترفدها رساميل أممية هائلة، اختار الإسلاميون التركيز على الجانب الديني لهذا المشروع السياسي الخطير، موفرين بذلك مزيداً من المبررات لحرب دينية، في حين أنها - بداية وانتهاء - حرب مصالح استراتيجية، تهدف إلى فرض هيمنة مديدة على الأرض العربية الغنية بموقعها ومواردها، وإن ظل لها شميم ديني آت من الماضي أكثر مما هو متصل بالحاضر، واستطراداً بالمستقبل.

ها نحن الآن نشهد ما يمكن اعتباره اجتياح الماضي لمستقبل هذه الأرض العربية، بالاتكاء على مساندة معلنة من قبل القوى العالمية الكبرى في مواجهة التيار الوطني - القومي التقدمي في العديد من الأقطار العربية التي أعادتها الانتفاضات الشعبية إلى الحياة.

لا يتصل الأمر بمناقشة حق الإسلاميين، كقوى سياسية ذات وجود فاعل في معظم المجتمعات الإسلامية، في أن يصلوا بالانتخابات إلى السلطة. ذلك يتنافى مع بديهيات الإيمان بالديموقراطية المجسدة بإرادة الشعب.

لكن المسألة تتصل ببرنامج الإسلاميين على تنوعاتهم الإخوانية والسلفية، سواء بصيغتها التقليدية القديمة أم بصيغها الجديدة المحسنة بالحذف والإضافة، كما في الطبعة التركية التي يراها البعض «معاصرة» ويمتدح نجاحات مؤسسيها ودعاتها والحاكمين باسمها في تقديم «نسخة حضارية» يقبلها الغرب بل ويزكيها، بديلاً من النسخة القديمة المتخلفة، في تقدير الجمهور المخاصم للتوجهات الإسلامية.

ولأن قضية فلسطين، وبالتالي الاحتلال الإسرائيلي للأرض والقرار، تفرض نفسها على الحاضر العربي، ومن ثم على المستقبل، كما فرضت نفسها من قبل على الماضي، فإنها تتصدر أسئلة الامتحان الفعلي لبرنامج الإخوان المسلمين وهم يتقدمون إلى موقع القرار وسلطته في أكثر من بلد عربي.

على هذا فالنموذج التركي لا يوفر الإجابة المطلوبة لمن يبحث عن الغد الأفضل: غد التحرر واستقلال الإرادة والحق في بناء تجربة مميزة على قاعدة احترام كرامة الإنسان ومنعة الدولة وتقدم المجتمع.

اذ لا تختلف تركيا تحت الحكم الإسلامي (الإخواني) في جوهر سياساتها تجاه إسرائيل، واستطراداً تجاه الغرب الداعم والحامي للمشروع الإسرائيلي، عنها في ظل الحكومات التي كانت تعتمد نهجاً مغايراً بل مناقضاً تماماً في سياستها الداخلية، الاقتصادية - الاجتماعية، لنهج حكومة أردوغان.

ما زالت تركيا عضواً رئيسياً فاعلاً في الحلف الأطلسي، وما تزال القواعد الأميركية فيها، وما تزال علاقاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية مع إسرائيل ممتازة ومميزة، حتى أن الهجوم العسكري الإسرائيلي المتوحش على باخرة الحرية حاملة المساعدات إلى غزة المحاصرة، بكل ما أسقطه من ضحايا وألحقه بكرامة تركيا من مهانة، لم يؤثر على جوهر هذه العلاقات وآفاقها المستقبلية التي يرى فيها بعض العرب اجتماعاً عليهم ومحاصرة لتطلعاتهم في اتجاه التحرر والتحرير بدءاً بفلسطين وانتهاء بالمستقبل جميعاً.

بالمقابل فقد غاب أي ذكر لفلسطين عن برامج الانتفاضات المنتصرة، كما في تونس وليبيا (؟)، وكذلك عن الحملة الانتخابية الناجحة للإسلاميين في مصر، ناهيك ببرنامج الحكومة المغربية الجديدة التي يشكل فيها «الإسلاميون» الكتلة الوازنة وربما المرجحة.

ولقد لاحظ المتابعون حماسة شديدة لدى رموز الحكم الجديد في تونس للمعارضة السورية حين استضافوا مؤتمرها، واستمعوا إليهم وهم يشنون حملة شعواء على النظام في سوريا... ومع التفهم لهذا التعاطف من على البعد بين قوى لا تعرف بعضها بعضاً حق المعرفة، ولا يجمعها - من حيث المبدأ، وإذا ما استثنينا العلاقات الداخلية لبعض الإخوانيين - هدف سياسي مشترك، فإن التوحد في الموقف من نظام سياسي معين، وبغض النظر عن ممارساته القمعية تجاه شعبه، لا يكفي لبناء جبهة نضالية تتجاوز القارات بدولها وسياساتها، وتقفز من فوق إسرائيل، وبالتالي قضية فلسطين وحقوق شعبها فيها، لتتخذ موقفاً من «نظام» لا يشكل سقوطه بنداً في برنامج الحكم التونسي الإسلامي الجديد.

Pages