كتاب " الفكر التربوي والمنهج التعليمي عند ابن الأزرق " ، تأليف د.
You are here
قراءة كتاب الفكر التربوي والمنهج التعليمي عند ابن الأزرق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
4- نشأته:
نشأ ابن الأزرق في عائلة غير معروفة بأفرادها عدا شخصه، ووالدته التي ذكرها بأبيات شعرية تأبينية عند وفاتها فقال:
تقول لي ودموع العين واكفة
ما أفظع البين والترحال يا ولدي
فقلت أين السرى قالت لرحمة من
قد عزّني الملك لم يولد ولم يلدِ([19])
ومنذ صغره نشأ ابن الأزرق نشأة علمية، ففي البدء حفظ القرآن، وبعضا من الحديث، وأخذ مبادئ اللغة العربية، والفقه والفرائض([(]) والحساب([20]). وهي عادة أهل الأندلس في ميدان التربية والتعليم فإنهم يبدأون تعليم صبيانهم وفق منهج تربوي إسلامي كي تبنى ملكاتهم الفكرية منذ الصغر ليرسخ الإيمان في النفس([21]). فابن الأزرق إذن درس وفق منهج تربوي تعليمي إسلامي اشتمل على حفظ القرآن وتلا لابن كثير ومبادئ اللغة العربية، والفقه، والفرائض، والحساب، والنحو، والأصلين([(])، والمنطق([(]) والأدب([22]). ووصفه بأنه من أهل العلم والصلاح([23])، فهذا خير دليل على نشأته العلمية. ومن ملاحظة العلوم التي أخذها في صغره في مالقة يتبين أنها كانت على نوعين هما العلوم النقلية والعلوم العقلية([24])، والتي سنذكرها لاحقاً.
ويذكر أنه في سبيل الاستزادة من العلم انتقل بعد ذلك إلى غرناطة مقر السلطة والمدينة الرئيسة الكبرى في المملكة، فأخذ يدرس على أكابر العلماء ويجلس مجالسهم، وأنه قرأ على آخرين بفاس وتلمسان وتونس([25]) فحصيلة دراسته تركزت في العلوم الإسلامية واللغة التي كانت سائدة في عصره وأنه استوعبها بالدرس والمثابرة والرحلات العلمية الداخلية والخارجية إلى جانب كونه صاحب فطنة وذكاء خاصين مكنته من علوم عصره مما عكس ذلك في مؤلفاته وأسلوبه الكتابي السليم الذي لا تشوبه شائبة أو عجمة أو ضعف بل تجري عباراته سلسلة واضحة([26]) وقد كان أديبا ذواقاً وشاعراً رصيناً ومقطعاته الشعرية المتعددة برهاناً أكيداً وواضحاً على ذلك([27]).
ويبدو أن ابن الأزرق خلال حياته الدراسية والوظيفية كان منعماً مترفاً بعيشه الرغيد وقد فقد هذه النعمة بعد خروجه من الأندلس وله في ذلك أبيات شعرية([28]).
هل للثريد عودة
إليه قد شوقني
تغوص فيه أنملي
غوص الأكول المحتسن
ولي إلى الأسفنج شو
ق دائم يطربني
وللأرز الفضل إذ
تطبخه باللبن
وللشواء والرقا
ق من هيام انثني
وله أبيات شعرية كثيرة في المجبنات أيضاً وفي مدح شيخه الإمام العلامة أبي يحيى بن عاصم، وله أيضاً شعر سياسي يهاجم فيه طاغية النصارى([29]).
ويعتقد أن نشأته العلمية، بالشكل هذا ساهم فيها نوعياً شيوخ أكفاء أخذوا بيده علمياً إلى جانب إمكاناته، وقدراته الذاتية وراثةً وبيئةً، فمن الثابت تعليميا وتربوياً أن أفضل النتائج العلمية تتحقق بين طالب ومعلم وكتاب في بيئة اجتماعية سليمة.
5- شيوخه:
في كتابه بدائع السلك لم يدوّن ابن الأزرق أسماء شيوخه، ولكن الذين ترجموا وأرخّوا حياته اثني عشر شيخاً دَرسَ على أيديهم بشكل مباشر في مالقة، وغرناطة، وتلمسان وتونس. حضر مجالسهم، واستمع إلى أقوالهم في مختلف العلوم العقلية والنقلية، وكانوا أكابر علماء عصرهم في القرن التاسع الهجري، ذكر السخاوي منهم عشرة ربما أن ابن الأزرق ذكرهم له خلال اجتماعه به في القاهرة عندما كان بمهمة السفارة في منتصف ربيع الآخر عام (896هـ).
إن أغلب المترجمين نقلوا شيوخه عن السخاوي وتبين أنهم هم:
1- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد البدري قاضي (مالقة) المالكي، أخذ ابن الأزرق عنه العربية والفرائض وتلا عليه لابن كثير (ت 852هـ) بمالقة([30]).
2- أبو عمر محمد بن محمد بن أبي بكر بن منظور أخذ ابن الأزرق عنه العربية والفقه والفرائض وتلا عليه تلاوة نافع([31]) ولم يذكر السخاوي سنة وفاته ولم نعثر عليها في المصادر الأخرى.
3- أبو عبد الله محمد ابن أبي الطاهر بن محمد بن بكرون وعنه أخذ ابن الأزرق مبادئ العربية والفقه والفرائض([32]) (ت) ولم يذكر السخاوي شيء عن وفاته والمصادر الأخرى.
4- إبراهيم بن أحمد بن فتوح مفتي غرناطة (ت 867 هـ)([33]) لازمه ابن الأزرق ودرس على يديه النحو والفقه والأصلين والمنطق فكان (جل انتفاعه به)([34]). يبدو أن ابن فتوح كان من أكابر أساتذته ويكن له منزلة خاصة ومحترمة ويستند بآرائه في دعم وجهة نظره، ويتمتع بحرية في البحث والتعليم والمناظرة([35]).
5- أبو عبد الله محمد بن محمد السرقسطي مفتي غرناطة أخذ عنه ابن الأزرق علوماً دينية منها الفقه([36])، وكتاب مسلم والموطأ والتهذيب والجلاب والتلقين والرسالة ومؤلفات ابن الحاجب وخليل وبعض مقدمات ابن رشد والمدونة([37]) (ت 865 هـ)([38]).
6- الخطيب أبي الفرج عبد الله بن أحمد البقني مفتي غرناطة، حضر ابن الأزرق مجالسه العلمية([39]) (ت 860 هـ)([40]).
7- أبو العباس أحمد بن يحيى بن أبي عبد الله التلمساني لقبه السخاوي بالشريف وهو قاضي الجماعة بغرناطة ودرس ابن الأزرق على يديه الفقه المالكي([41]) (ت 895 هـ)([42]).
8- أبو عبد الله محمد بن يوسف بن المواق العبدري([43]) خطيب ومفتي الحضرة الغرناطية وآخر الأئمة فيها كان حافظاً للمذاهب ضابطاً لفروعها مضطلعاً بها([44]) (ت 897 هـ)([45]).
9- أبو يحيى محمد بن محمد بن أبي بكر بن عاصر الغرناطي قاضي الجماعة، جالسه ابن الأزرق وانتفع به([46]). وكان ابن عاصم وزيراً للدولة النصرية تولى اثنتي عشرة خطة في وقت واحد منها القضاء، الكتابة، الوزارة، الخطابة والإمامة وله مؤلفات فقهية وتوفي ذبيحاً في المغرب سنة 857 هـ([47]).
10- أبو عبد الله محمد بن زكريا بن جبير اليحصبي، درس ابن الأزرق على يديه الأدب والبلاغة وكان يصفه "بشيخ الأدباء وحجة البلغاء الكاتب المجيد الأبرع أبو عبد الله اليحصبي"([48]) (ت). ولم يذكر المقري تاريخ وفاته والمصادر الأخرى.
11- محمد بن يوسف الخزاعي، درس ابن الأزرق على يديه في القيروان علوماً دينية([49]) (ت) ولم يذكر المقري والمصادر الأخرى سنة وفاته.
12- محمد بن محمد بن عيسى العقوي الزلديوي التونسي (ت 874 هـ) وذكر ابن الازرق أن الزلديوي كتب له الإجازة العامة من تونس في أوائل شوال عام (871 هـ)([50]) وهذا يعني أن الزلديوي قد درسه علوماً وأجازه فيها دون أن يذكر ابن الأزرق الدروس التي درسها على يديه.