You are here

قراءة كتاب الاتحاد الأوروبي كظاهرة إقليمية متميزة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الاتحاد الأوروبي كظاهرة إقليمية متميزة

الاتحاد الأوروبي كظاهرة إقليمية متميزة

كتاب " الاتحاد الأوروبي كظاهرة إقليمية متميزة " ، تأليف د.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

ولكن التحديالذيواجهته، ولاتزال، السيادةالوطنيةلكثير من الدول يتمثلفيالنزعةالإقليميةالتي تظهر أحيانا وتختفي أحيانا أخرى. وتتجسدهذهالنزعةفيإنشاءتجمعاتإقليميةمندمجةشمال- شمال،وشمال جنوب،وجنوب بجنوب ذات صبغةتجارية بحتة (مناطق للتجارة الحرة) أو ذات صبغة تجارية-اقتصادية أو ذاتصبغةتجارية-اقتصادية-نقديةمتكاملة. حقيقة أن هذه التجمعات الإقليمية لا تمس بسيادة الدول الشريكة فيها لأنها قائمة في الأساس على أشكال من الاندماج الاقتصادي لاالسياسي. وكما يقول الباحث الشاذلي العياري، وبكلمة أخرى، " ليسهناك دول أو حكومات إقليمية موحدة ترعى برامج التعاون المشترك ضمن التجمعات المعنية. إلا أن التباين الذي يميز البلدان الشريكة من حيث بنياتها الاقتصادية أو من حيث كثافاتها السكانية أو من حيث سعة أسواقها الاستهلاكية أو من حيث قدراتها التنافسية بخاصة في التجمعات التي تضم أقطارا شمالية متقدمة وأقطارا جنوبية متخلفة كثيرا ما يؤول إلى تناقض بين المصالح الوطنية وبالتالي إلى صدام بين القرارات والخيارات الوطنية"([29]).

وعلى أية حال، فيمكن القول، إن الإقليمية لم تكن ناجحة تماماً حتى في أن تكون سنداً للعالمية، وهي أضعف من أن تكون بديلاً عنها. على الرغم من قول البعض بأن المنظمة الإقليمية تعد ظهيرة للمنظمة الدولية العالمية([30]).

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، كمنظمة إقليمية فوق قومية، فقد كان قبل كل شيء مشروع فكري تبلور في أذهان مفكرين وحكماء وفلاسفة وفقهاء ورجال قانون ومصلحين اجتماعيين، قبل أن يتحول إلى مشروع سياسي تسهم في بنائه مؤسسات تحظى بدعم رؤساء الدول والحكومات وقطاع كبير من النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مختلف الدول الأوروبية. وهذا المشروع لم يظهر فجأة في صورة نص متكامل قابل للتطبيق على أرض الواقع. بل تبلور تدريجيا وعلى مدى عقود طويلة من خلال رؤى فكرية في البداية اختلفت دوافعها وأهدافها، بحيث شكلت هذه الرؤى مخزونا أخذت منه النخبة السياسية عندما بدأت الظروف العالمية والإقليمية والمحلية تنضج، حتى دخلت معاهدة ماستريخت حيز التنفيذ في الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1993.

فأضحى الاتحاد الأوروبي مؤسسة دولية أو منظمة دولية يضم 27 دولة، تأسس بناء على معاهدة ماستريخت التي وقعت عام 1992، ولكن العديد من أفكاره موجودة منذ خمسينات القرن المنصرم. ويقوم على مبادئ نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية الأوروبية، لتبقى هذه المؤسسات محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من كل دولة على حدة. فهو ليس اتحادا فدراليا، حيث إنه يتفرد بنظام سياسي فريد من نوعه في العالم. وله نشاطات عديدة على اعتبار أنه سوق موحد ذو عملة واحدة هي اليورو الذي تبنت استخدامه 13 دولة من أصل الـ 27 الدول الأعضاء، هذا إضافة إلى سياسة زراعية مشتركة وسياسة صيد بحري موحد. وقد احتفل في مارس/آذار 2007 بمرور 50 عاما على إنشاء الاتحاد بتوقيع معاهدة روما. فيعد الاتحاد الأوروبي أبرز النماذج للتكتلات الإقليمية في العالم المعاصر لكنه يتأرجح بين حالات اندماج وحالات تنافس، كما سنرى لاحقا. وكما يقول الباحث الشاذلي العياري: فإنه من" المناسب هنا أن نستأنس بالتجربة الإقليمية الأوروبية الرائدة التي تعتبر نموذجا متكاملا لتماشي الاندماج الموفق من جهة ومثالا ذا دلالة للجدلية القائمة بين السيادة الوطنيةومايمكنأننسميه بـ ''عولمة إقليمية''من جهة ثانية" ([31]) (1).

Pages