كتاب " ظاهرة التبادل اللغوي في العربية " ، تأليف د. عاطف طالب الرفوع ، والذي صدر عن
قراءة كتاب ظاهرة التبادل اللغوي في العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
3- مجيءُ المصدرِ بمعنى مفعولٍ، والعكسُ. يقولُ ابنُ جنِّيٍّ: «وقدْ أُوقعَ المصدرُ موقعَ المفعولِ؛ كضربِ الأميرِ، ونسجِ اليمنِ»([33])، أيْ كـ: مضروبِ ومنسوجِ. ويقولُ أيضاً: «وقدْ أُوقعَ أيضاً صورةُ المفعولِ على المصدرِ كالمعقولِ والمجلودِ والمعسورِ والميسورِ والمحسورِِ»([34]).
4- وضعُ الماضي موقعَ المستقبلِ. تقولُ: أعزَّك اللهُ وأطالَ بقاءَك؛ فتأتي بلفظِ الماضي ومعناهُ الاستقبالُ([35])، نحو قولِهِ عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ﴾ [الروم:51]، فقالَ الخليلُ: معناهُ ليظلُّنَّ؛ فأوقعَ الماضي موقعَ المستقبلِ([36]).
3.1.5.1التبادل اللغوي عند ابن فارس في كتابه الصاحبي 395هـ:
بناءً على ما جاءَ في كتابِ (الصَّاحبيِّ) نستطيعُ القولَ إِنَّ ابنَ فارسٍ هو أوَّلُ مَنْ بسطَ القولَ في مسائلِ التَّبادلِ وقضاياهُ بسطاً موسَّعاً، حيثُ أفردَ لمظاهرِ التَّبادلِ حيزاً كبيراً في كتابِهِ، وجعلَ لَهُ أبواباً؛ ومنها ما يأتي:
1- بابُ العمومِ والخصوصِ وتحتَهُ العامُّ الَّذي يرادُ بهِ الخاصُّ، والخاصُّ الَّذي يرادُ بِهِ العامُّ. قالَ ابنُ فارسٍ: وأمَّا العامُّ الَّذي يرادُ بِهِ الخاصُّ فكقولِهِ - جلَّ ثناؤهُ - حكايةً عنْ موسى : ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف:143]، ولمْ يُرِدْ كلَّ المؤمنينَ؛ لأنَّ الأنبياءَ قبلَهُ قدْ كانُوا مؤمنينَ، ومثلُهُ كثيرٌ، ومِنْهُ قولُهُ تعالى أيضا: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات:14]، وإنَّما قالَهُ فريقٌ مِنْهُمْ.
وأمَّا الخاصُّ الَّذي يرادُ بِهِ العامُّ فكقولِهِ - جلَّ ثناؤهُ -: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الأحزاب:1]، الخطابُ لَهُ ﷺ والمرادُ النَّاسُ جميعاً([37]).
2- بابُ الواحدِ يرادُ بِهِ الجمعُ.
3- بابُ الجمعِ يرادُ بِهِ واحدٌ واثنانِ.
4- بابُ مخاطبةِ الواحدِ بلفظِ الجمعِ.
5- بابُ الشَّيئينِ ينسبُ الفعلُ إليهما وهو لأحدِهما.
6- بابُ نسبةِ الفعلِ إلى أحدِ اثنين وهو لهما.
7- بابُ الفعلِ يأتي بلفظِ الماضي وهو مستقبلٌ، وبلفظِ المستقبلِ وهو ماضٍ.
8- بابُ المفعولِ بلفظِ الفاعلِ، والفاعلِ يأتي بلفظِ المفعولِ([38]).
4.1.5.1 التبادل اللغوي عن أبي منصور الثعالبي 429هـ:
عالجَ الثَّعالبيُّ مسائلَ التَّبادلِ ومظاهرَهُ علاجاً موسَّعاً، والتقى معَ ابنِ فارسٍ في كثيرٍ منْ القضايا الَّتي عالجَها، وقدْ ذكرَ الثّعالبيُّ فصولاً عديدةً تقعُ تحتَ ظاهرةِ التَّبادلِ؛ ومنْ الفصولِ الَّتي ذكرَها وعالجَها:
1- فصلٌ في إقامةِ الواحدِ مقامَ الجمعِ .
2- فصلٌ في الجمعِ يرادُ بهِ الواحدُ .
3- فصلٌ في أمرِ الواحدِ بلفظِ أمرِ الاثنينِ.
4- فصلٌ في إجراءِ الاثنينِ مجرى الجمعِ.
5- فصلٌ في الفعلِ يأتي بلفظِ الماضي وهو مستقبلٌ، وبلفظِ المستقبلِ وهو ماضٍ.
6- فصلٌ في المفعولِ يأتي بلفظِ الفاعلِ.
7- فصلٌ في الفاعلِ يأتي بلفظِ المفعولِ.
8- فصلٌ في إقامةِ الاسمِ والمصدرِ مقامَ الفاعلِ والمفعولِ.
9- فصلٌ في تذكيرِ المؤنَّثِ، وتأنيثِ المذكَّرِ في الجمعِ.
10- فصلٌ في حملِ اللَّفظِ على المعنى في تذكيرِ المؤنَّثِ، وتأنيثِ المذكَّرِ([39]).
5.1.5.1 التبادل اللغوي عند ابن عصفور 669هـ:
عالجَ ابنُ عصفورٍ بعضَ مسائلِ التَّبادلِ تحتَ (فصلِ البدلِ)، إذ قسَّمَ هذا الفصلَ إلى أربعةِ أقسامٍ كبيرةٍ، وهي: إبدالُ الحركةِ منْ الحركةِ، وإبدالُ الحرفِ منْ الحرفِ، وإبدالُ الكلمةِ منْ الكلمةِ، وإبدالُ الحكمِ منْ الحكمِ، حيثُ تحدَّثَ عنْ مسائلَ مختلفةٍ منْ التَّبادلِ تحتَ القسمينِ الأخيرينِ، ومنْ هذه المسائلِ ما يأتي:
أ - إبدالُ كلمةٍ منْ كلمةٍ، وَمِنْهُ:
1- وضعُ المفردِ موضعَ التَّثنيةِ([40]).
2- وضعُ المفردِ موضعَ الجمعِ.
3- وضعُ التَّثنيةِ موضعَ المفردِ.
4- وضعُ التَّثنيةِ موضعَ الجمعِ.
5- وضعُ الجمعِ موضعَ المفردِ.
6- وضعُ الجمعِ موضعَ التَّثنيةِ.
7- وضعُ ضميرِ الرَّفعِ المنفصلِ موضعَ ضميرِ النَّصبِ المنفصلِ.
8- وضعُ ضميرِ الرَّفعِ المنفصلِ موضعَ ضميرِ الرَّفعِ المتَّصلِ.
9- وضعُ ضميرِ النَّصبِ المنفصلِ موضعَ ضميرِ النَّصبِ المتَّصلِ.
10- وضعُ ضميرِ النَّصبِ المتَّصلِ موضعَ ضميرِ النَّصبِ المنفصلِ.
ب- إبدالُ الحكمِ منْ الحكمِ، وَمِنْهُ:
1- تأنيثُ المذكَّرِ.
2- تذكيرُ المؤنَّثِ([41]).
إنَّ مصطلحَ البدلِ الَّذي ذكرَهُ ابنُ عصفورٍ ووظَّفهُ في كتابِهِ (ضرائرِ الشِّعرِ) لا يُعْنَى بِهِ مصطلحُ (البدلِ النَّحويِّ) المتداولِ في معظمِ كتبِ النَّحوِ، بلْ هو مصطلحٌ واسعٌ متعدِّدُ الجوانبِ كما يتَّضحُ منْ المسائلِ الَّتي ذكرَها تحتَ أقسامِهِ الأربعةِ، فبعضُ المسائلِ الَّتي ذكرَها يُمْكِنُ تصنيفُها تحتَ ظاهرةِ (الإنابةِ) أوْ (النِّيابةِ)، وقسمٌ منها يُمْكِنُ تصنيفُها تحتَ ظاهرةِ (التَّبادلِ اللُّغويِّ) لا سيَّما ما جاءَ في الفصلينِ الأخيرينِ، وهناك مسائلُ كثيرةٌ يُمْكِنُ تصنيفُها تحتَ ظواهرَ مختلفةٍ، وبالتَّالي نستطيعُ القولَ إنَّ مصطلحَ (البدلِ) الَّذي وظَّفَهُ ابنُ عصفورٍ يشملُ مصطلحَ التَّبادلِ اللُّغويِّ أوْ أنَّهُ في بعضِ جوانبِهِ ومسائلِهِ قدْ يُقْصَدُ بِهِ التَّبادلُ اللُّغويُّ الَّذي تقدَّمَ تعريفُهُ؛ لأنَّهُ ذكرَ كثيراً منْ مسائلِ التَّبادلِ اللُّغويِّ تحتَهُ، وبناءً على هذا فَيُمْكِنُ أنْ يُعَدَّ ما ذكرَهُ ابنُ عصفورٍ أوَّلَ إشارةٍ صريحةٍ لظاهرةِ التَّبادلِ اللُّغويِّ لا سيَّما وأنَّ التَّقاربَ بينَهُما كبيرٌ سواء في المصطلحِ أمْ في المسائلِ الَّتي عالَجَها.