قراءة كتاب ثقافة مجتمع الشبكة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثقافة مجتمع الشبكة

ثقافة مجتمع الشبكة

كتاب " ثقافة مجتمع الشبكة " ، تأليف د. محمد أحمد صالح ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

انتشار وتبني المستحدثات

وبعد ذلك العرض السريع للدورة الاقتصادية للمستحدثات التكنولوجية من حيث النشأة والتكوين والتطور، يستدعي اكتمال الصورة، تناول عملية انتشار وتبني تلك المستحدثات Diffusion and adoption ، فالمستحدثات تميل إلى أن يتم تبنيها وانتشارها من خلال نمط منتظم جداً. لكن الأحداث العشوائية المبكرة التي حدثت في تطور المستحدثات، أصبحت مغلقة إلى الأبد، ولا تتبع هذا النمط، مثل: ترتيب لوحة مفاتيح الآلة الكاتبة، اتجاه دورات عقارب الساعة، عدد الساعات التي يتكون منها اليوم الواحد 24 ساعة، قياس زاوية الدائرة 360 درجة.

وعملية الانتشار DIFFUSION OF INNOVATION هي عملية خروج المستحدثات من مصادرها إلى أكبر عدد من المستهدفين، وعملية الاقتناع والتبني للأفكار المستحدثة ADOPTION OF INNOVATION هي العملية العقلية التي يمر بها الفرد من لحظة سماعه عن المستحدث لأول مرة حتى مرحلة الرفض أو الاقتناع والتبني لتلك الفكرة الجديدة لتصبح جزءاً من سلوكه، وهي تتم بنفس الطريقة التي تتم بها عملية التعلم، وعملية الانتشار والتبني عمليتان مرتبطتان ومتداخلتان، إلا أن عملية الانتشار ذات طبيعة جماهيرية تتم على مستوى التنظيم الاجتماعي، بينما عملية التبني تتم على مستوى الفرد، وتعتمد العمليتان على قواعد وشروط عملية الاتصال. وتتكون عملية نشر المستحدثات الجديدة: من أربعة عناصر أساسية هي: المستحدث، قنوات الاتصال، الزمن، النظام الاجتماعي. وتعتمد عملية الانتشار على وسائل الاتصال الجماهيرية: مثل المذياع التلفاز الصحف المجلات... إلخ في توفير المعلومات العامة عن المستحدث، في حين أن المصادر الشخصية (الأعضاء الآخرين، والأقارب، الأصدقاء والجيران) وظيفتها تساعد في عملية اتخاذ القرار بالقبول أو الرفض.

وعملية التبني أو اتخاذ القرار حول قبول أو رفض المستحدث، ولغرض الملاحظة تتكون عادة من خمس مراحل:

1- مرحلة الوعي والتنبيه والإدراك، وفيها يتعرض الفرد للأفكار الجديدة من وسائل الإعلام المختلفة، ولكن تنقصه الدراية والمعلومات الكاملة عنها.

2- مرحلة الاهتمام يصبح فيها الفرد على درجة من الاهتمام بالمستحدث حيث يبدأ في البحث عن معلومات عنه تشبع عنده حاجات حب الاستطلاع والمعرفة.

3- مرحلة التقويم وفيها يقوم الفرد بالتطبيق الذهني والعقلي للمستحدث على موقفه الحاضر والمستقبلي، ومن ثم يقرر ما إذا كان ينوي تجربة الفكرة المستحدثة أم لا.

4- مرحلة التجريب أو المحاولة، وفيها يستخدم المستحدث على نطاق ضيق ويقرر مدى فائدتها بالنسبة إلى موقفه.

5- مرحلة التبني بالقبول أو الرفض، وفيها يقرر قبول المستحدث أو الاستمرار في القبول أو رفض المستحدث.

والفكرة المستحدثة قد ترفض في أي مرحلة، والتوقف عن قبول الفكرة المستحدثة هو قرار بالامتناع عن القبول

بعد الإيمان بالفكرة المستحدثة وممارستها. وعموماً فإن أي قرار يتخذه الفرد بشأن الفكرة أو الخبرة الجديدة سواء بالقبول أو الرفض سوف يتوقف على:

أولاً: خصائص الفرد الشخصية، مثل العمر والتعليم والدخل والمعلومات، وسماته النفسية والاجتماعية مثل اتجاهاته ودوافعه ومكانته الاجتماعية ودرجة مشاركته الاجتماعية وانفتاحه على العالم، وسلوكه الاتصالي.

ثانياً: خصائص النظام الاجتماعي: من العادات والأنماط السلوكية المعتادة وأهداف وقيم ومعايير الأفراد ودرجة تقدمية المجتمع وإمكانية الانحراف عن السلوك المعتاد.

ثالثاً: خصائص الفكرة المستحدثة نفسها: وهي:

1- الميزة النسبية للفكرة سواء اقتصادية أو اجتماعية، وهي مدى أفضلية الفكرة الجديدة على الأفكار الأخرى التي جاءت لتحل مكانها. والأزمات المفاجئة قد تؤكد الميزة النسبية للفكرة وتؤثر في معدل انتشارها، أو قد تعوق لازمة المفاجئة لهذا المعدل.

2- درجة تمشي الفكرة المستحدثة مع القيم الاجتماعية

3- درجة تمشي الفكرة مع نظم المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية

4- درجة تمشي الفكرة المستحدثة مع ما سبقها من أفكار

5- درجة تمشي الفكرة المستحدثة مع احتياجات الفرد

6- مدى تعقد الفكرة المستحدثة أو تشابكها وصعوبتها على الفهم

7- إمكانية التجربة على نطاق ضيق

8- إمكانية التجزئة

9- إمكانية المشاهدة

10- القابلية للانتقال.

وعند ظهور أي فكرة مستحدثة أو خبرة جديدة، لا يقوم كل أفراد المجتمع بتبنيها في وقت واحد، ولكن عادة ما تبدأ أقلية منهم في قبولها وتطبيقها، ثم تأخذ الفكرة أو الخبرة الجديدة بعد ذلك في الانتشار بين بقية أفراد المجتمع على مر الزمن. وقد تأخذ الفكرة أو الخبرة الجديدة وقتاً يطول أو يقصر حتى تنتشر بين جميع الأفراد، ويتوقف ذلك على طبيعة الفكرة المستحدثة، والنظام الاجتماعي السائد وغير ذلك من العوامل السابقة.

ويعد هؤلاء الأفراد الذين يقومون بتطبيق الفكرة المستحدثة عند ظهورها أكثر تقدمية من غيرهم، فدرجة التقدمية إذن هي درجة ميل الأفراد في نظام اجتماعي معين لقبول وتبني الأفكار والخبرات المستحدثة عند ظهورها. وبينت الدراسات التي اهتمت بموضوع نشر وتبني المستحدثات أن وسائل الإعلام الجماهيرية والمصادر الخارجية (الصادرة من خارج التنظيم الاجتماعي) تكون على أكبر درجة من الأهمية في مرحلة الإدراك والوعي والاهتمام بالفكرة المستحدثة، في حين أن وسائل الاتصال الشخصية ومصادر المعلومات المحلية (الصادرة من داخل التنظيم الاجتماعي) تكون هامة في مرحلة تقييم الأفكار المستحدثة. وإذا كانت فترة التبني هي الفترة اللازمة للفرد لكي يمر في عملية التبني متنقلاً من مرحلة الإدراك إلى مرحلة قبول الفكرة المستحدثة، فقد أوضحت الدراسات العلمية أن الإدراك يتم بمعدل أسرع من معدل التبني أو إقرار القبول والرفض. والنقص في المعلومات المتعلقة بالأفكار المستحدثة من شأنها أن تؤخر تبني الناس لها، والمسافة الزمنية الواقعة بين مرحلة الإدراك والتجريب أطول دائماً من المسافة الزمنية بين التجريب والتبني. ورغم الأهمية الكبيرة لوسائل الإعلام، إلا أن التأثير الشخصي ووسائل الاتصال شبه شخصية مثل (التلفاز الإنترنت) لها فعالية أكبر في مجال التغلب على مقاومة التغير التي تعوق التأثير السريع لوسائل الإعلام الجماهيرية مثل عمليات التعرض الانتقائي والإدراك الانتقائي والحفظ الانتقائي. والمعايير الاجتماعية السائدة في التنظيم الاجتماعي لها دور محوري في درجة القابلية لتبني المستحدثات الجديدة حيث تكون أسرع في التنظيم الاجتماعي الذي تسود فيه معايير تشجع على ذلك.

Pages