كتاب " أزمة النخب العربية " ، تأليف د. حسن مسكين ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
You are here
قراءة كتاب أزمة النخب العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

أزمة النخب العربية
يبدو أن كل الدعوات التي تسعى إلى ترسيخ التصور القائل بأن دور المثقفين قد ولى من غير رجعة فيها كثير من التضليل، ذلك أنه إذا كنا نقر الآن بهذا التراجع لدور المثقف في صنع الأحداث وإنجاز التنمية، نظراً لهذا الاكتساح الواضح لدور الاقتصاديين، ورجال الأعمال والمال، فإن المثقفين والمفكرين سيعودون إلى لعب دورهم في حل تلك المشكلات الاجتماعية والسياسية والنفسية التي ستعقب هذه التحولات الاقتصادية الجارية في العالم، والتي ستخلف لا محالة مشاكل عديدة، تتعلق بالأزمات النفسية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، الناتجة عن هذا التطور العلمي والتكنولوجي العالمي.
ثم إن ما قد يبدو للبعض هيمنة للاقتصاد والمال والعلم، سرعان ما سيحتاج مستقبلاً إلى وقفات تأمل، وتقييم للآثار النفسية والاجتماعية والفكرية التي توازي حضور العقل الإنساني ورؤيته للكون والحياة والموت والقيم.
ذلك أن التجارب التاريخية، علمتنا أن لا شيء بثابت حتى في العلم، ثم إن هذه التصورات التي نتجت في هذه الميادين ستحتاج إلى تقييم لمعرفة مدى سلبياتها وإيجابياتها على حياة وعقل وقيم وأخلاق وثقافة المجتمعات الإنسانية، ولن يكون ذلك ممكناً إلا بحضور قوي وفاعل للمثقفين والمفكرين.
والنتيجة هو أنه لا يمكن أن نتصور عالماً يعلي من شأن العلم والمادة في ظل غياب الجانب المكمل ألا وهو الفكر والقيم والثقافة التي تصنع توازن الإنسان.
* ألم يحن الأوان لإعادة النظر في مفهوم الثقافة والمثقف والتنمية، بحكم ما طرأ من مستجدات عالمية؟
* لماذا ولى زمن المثقفين والمفكرين في عالمنا العربي والإسلامي؟
* ما هي الأسباب الكامنة وراء عزوف المثقفين عن أداء أدوارهم الريادية؟
وهل يمكن الحديث عن ثقافة في غياب الحرية؟
* ولماذا يتوارى المثقفون خلف السياسيين اليوم، علماً بأن تاريخ الشعوب يؤكد أن نهضة الأمم قادها المثقفون أولاً؟
* وما هي أسباب تعثر محاولات التنمية التي دعا إليها كثير من المثقفين العرب والمسلمين.
* وهل كانت هذه المحاولات تتضمن فعلاً مشروعاً تنموياً، قابلاً للتطبيق؟
* وهل صحيح أن اللغة العربية من بين جملة عوائق تحول دون إنجاز هذه المشاريع التنموية؟ لا سيّما في ظل ما يسمى بالنظام العالمي الجديد؟
* وهل صحيح أيضاً أن دور المثقفين ذهب إلى غير رجعة، حيث الكلمة الآن لأهل الاقتصاد والمال والأعمال فقط؟!
هذه أسئلة سنحاول الإجابة عنها أملاً في تصحيح بعض التصورات واقتراح بعض المداخل التي نراها أساسية لتأسيس مشروع عربي تنموي قابل للإنجاز في ظل ما نملكه من إمكانات ذاتية بالأساس.
إن الأحداث التي استجدت في العديد من الدول العربية فيما سمي بالربيع العربي تفرض علينا وقفة متأنية لإعادة النظر في العديد من التصورات والمواقف والمفاهيم التي ظلت متداولة حول مفهوم المثقف ودوره في المجتمع ،خاصة في سياق المنجزات الهائلة التي حققها الشباب العربي الذي طالما ألصقت به نعوت وأوصاف لا تعكس حقيقة رؤيته ومشروعه الطموح لا سيّما في تعامله مع تأثيرات العولمة. فهل سيؤدي ذلك إلى خلق ثقافة سياسية وفكرية مغايرة قادرة على تشكيل وعي جديد قائم على مبادئ الحرية والعدالة والمساواة التي ستنتج بدورها ذلك المواطن العربي المسؤول والمجتهد والمنتج؟