You are here

قراءة كتاب أزمة النخب العربية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أزمة النخب العربية

أزمة النخب العربية

كتاب " أزمة النخب العربية " ، تأليف د. حسن مسكين ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

الـمـبحـث الأول

"ليست الثقافة مجرد معرفة نظرية بالعالم ولا مجرد التزام عملي بقضاياه. لكنها هي الوعي النظري بالواقع العلمي. هي الرباط بين النظر والعمل والجمع بين هموم الفكر وهموم الوطن".

أزمنة الحرية والديمقراطية في المجتمع والدولة:

د حسن حنفي.

1- في مفهوم الثقافـة والتنميـة

إذا انطلقنا من أن الثقافة هي ذلك "النتاج الذي ينتظم جماع السمات المميزة للأمة، من مادية وروحية وفكرية وفنية ووجدانية، وتشمل مجموعة من المعارف والقيم والالتزامات الأخلاقية المستقرة فيها وطرائق التفكير والإبداع الجمالي والفني والمعرفي والتقني وسبل السلوك والتصرف والتغيير، وطراز الحياة. كما تشمل أخيراً تطلعات الإنسان للمثل العليا، ومحاولته إعادة النظر في منجزاته والبحث الدائم عن مدلولات جديدة لحياته وقيمه ومستقبله، وإيداع كل ما يتفوق به على ذاته"([5]) أدركنا أن الثقافة هي كل ما تملكه الأمة حين تنخرط في عملية البناء الحضاري لإثبات الذات في مسيرة النماء الإنسانية، وهي التي تسمها بميسم العلم النافع الخلاق والمعرفة النيرة، تمشياً مع مبدأ الاستخلاف الذي أقره الحق تعالى والهادف إلى تحقيق التنمية الشاملة.

وإذا استوعبنا الأساس البنيوي لمفهوم التنمية، المستند إلى شموليتها وقيامها على شرط الحرية والمعرفة ودعمهما في عملية دائمة وجدلية بينها وبين كل المجالات التي تقوم عليها حياة الأمة واستمرارها منتجة، سنكون آنذاك قد أسسنا لمنطلقات سليمة ومهدنا لوعي عميق بأهمية هذين المفهومين المركزيين، بوصفهما الضامن الأساس لإنجاز التحدي الكبير نحو تخليص شعوبنا من التخلف والتبعية وكل ما من شأنه تعطيل أي تجربة رائدة، تدفع باتجاه التطور وخلق مناخ إيجابي يجعل من بلداننا العربية والإسلامية فضاء للعلم والمعرفة، تمهيداً لإنجاز تنمية شاملة، هذه التنمية التي لم تعد مرتبطة بمستوى الدخل الفردي أو مستوى ارتفاع الناتج السنوي القومي فحسب، وإنما أيضاً بالمستوى المعرفي والثقافي والصحي والاجتماعي والديموقراطي لأي أمة، بما يكفل لأفرادها إنجاز مشاريع وتصورات وأفكار حرة ومسؤولة في ظل دعم قوي لمثقفيها قصد مواصلة هذا الإنجاز بما يؤدي إلى تطوير شعوبها وضمان مشاركتهم في بناء نهضة أمتهم. غير أن هذه الثقافة كما التنمية محكومة بضوابط أخلاقية وقيم ربانية تميزانها عن التصورات المادية الأخرى([6]).

ويبدو أن بلداننا العربية والإسلامية لم تستطع إنجاز هذا التحدي في تهيئ شعوبها للانخراط في هذا المشروع الحضاري، رغم إمكاناتها المادية والبشرية والطبيعية الهائلة ودعوات مفكريها العديدة التي تمت في هذا الاتجاه.

وهكذا ظلت التنمية بالمفهوم الذي حددناه سابقاً مطلباً بعيد المنال، في ظل ما يشهده الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي من أزمات خانقة وتدهور ظهرت آثاره جلية في كافة الميادين، كان من المفروض فيها أن تدعم محاولات النهضة والخروج من دائرة التبعية والتخلف.

إن التطور الهائل الذي شهده العالم المتقدم في مجالات عدة، أبرزها النظم المعلوماتية والتواصلية، إضافة إلى مجالات أخرى مرتبطة بالسياسة والاقتصاد أفرز مفهوماً جديداً للتنمية يتجاوز مدلولها السابق، بحيث "لم يعد معدل دخل الفرد معياراً كافياً للنمو الاقتصادي أو التخلف، فقد يكون متوسط دخل الفرد مرتفعاً جداً في دولة من الدول ولكن نسبة عالية من سكانها تعاني الأمية أو الفقر أو البطالة الحقيقية أو المقنعة. كما لم تعد التنمية تعني العمل على أن يكون معدل الزيادة السنوية في عدد السكان، فقد تحقق الدولة ذلك ولكن عدد الفقراء فيها يتزايد ونسبة البطالة ترتفع، ولهذا ظهر مفهوم التنمية البشرية الشاملة بإنجازات البلد في مجالات أساسية ثلاثة هي:

1- تمتع الأفراد بصحة جيدة وحياة مديدة، ويقاس ذلك بمعدل العمر المتوقع للفرد.

2- انتشار المعرفة الذي يقاس بمستوى التعليم بين الراشدين وبمعدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي والثانوي والعالي.

3- مستوى المعيشة الذي يقاس بمعدل الدخل الفردي"([7]).

Pages