كتاب " الهجاء عند جرير والفرزدق " ، تأليف د. خالد يوسف ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
You are here
قراءة كتاب الهجاء عند جرير والفرزدق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الهجاء عند جرير والفرزدق
وكذلك كان الهجاء الفاحش سلاحاً من أسلحة شاعر الرّسول (محمّد)، حسّان بن ثابت الذي أوغل في ردّه على أعداء النبيّ، وردّ عليهم ما كانوا يهجون به المسلمين من ذكرهم العورات. مثال ذلك قوله في بني المُغيرة:
هلاّ منعتُمْ من المخزاة أمّـــكُمُ
عند الثّنيّة من عمرو بن يحمــوم
أسلمتموها فباتت غير طاهرة ...
الرّجـال على الفخدين كــالـموم
بنــو المغــيرة فحش في نـديّهم
توارثوا الجهل بعد الكفر واللّوم(23)
وقال لبني رحضة من بني الدّيل:
يا ابن التي لبثت مليّاً في استهـا
... وفـــي ... كـراع بـعـيـــر
قد كنت لا أهوى السِّباب فسبّني
أحـلام طيـر في قلـوب حمـير(24)
وقال في النّابغة، امرأة من عنزة:
ظلّت ثـلاثاً وملـحانٌ مـعانقهـا
عند الحجون فما ملاّ وما فترا(25)
وفي الخبر أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب قد أمر شاعره النّجاشي بأن يردّ على شاعر معاوية ابن أبي سفيان، خصمه الذي هجاه بهجاء لا شّك أنه تناول العورات، فاضطرّ النّجاشي إلى نقضه بمثل ما قال(26).
ما نوّد الإشارة إليه أنّ الهجاء الجاهلي كما الهجاء الإسلامي قد تناولا الأعراض، وهتكا حصون العورات، ولم يتورّع الشّاعر عن ذكر ما يؤلم خصمه ويضنيه، أكان ادّعاؤه حقاً أم زوراً وبهتاناً، غير أننا لا يمكن أن نجزم بأنّه رجحت، أو على الأقلّ، وازت كفّة الهجاء المّادي، وخاصّةً في الإسلام، كفّة نظيره عند الثنّائي الأموي: جرير والفرزدق، وقد استعملا من المديّ أمضاها، ومن السّيوف أبترها، لإدماء كلوم التأمت حديثاً ثغورها أو كادت... وأوجع ضربها أنىّ وقع، وكشفت فؤوس هجائهما الأديم عن سمات وعادات بالية، فأحيتها بعد أن كانت رميماً، فسلكا مسلكها وأوغلا في دروبها ومجاهل شعابها أيّما إيغال.