You are here

قراءة كتاب فتنة وحشمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فتنة وحشمة

فتنة وحشمة

كتاب " فتنة وحشمة " ، تأليف د. سامر سقا أميني ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 5

أخرجوهن من مدارسكم إنهن فتيات محجبات

ميساء في السادسة عشرة من عمرها، وهي في الصف العاشر من مدرستها، متفوقة، وجميلة الطلعة.

تتميز هذه الشابة بتفكيرها المنطقي وذهنها الصافي، فهي تجيد تحليل الأمور ومناقشتها، الأمر الذي قرب منها صديقات، وأبعد عنها أخريات. قرب منها الصديقات اللواتي يحببن تفنيد الأمور، ومناقشتها على مبدأ "اعرف الحق تعرف أهله". وأبعد عنها أولئك اللواتي لا يحببن مناقشة الخطأ والصواب، فالمبدأ عندهن أن الصواب ما تتبعه معظم الصديقات، والخطأ ما يتجنبنه.

ميساء تحجبت منذ سنتين بقرار منها دون أي تدخل أو إكراه أو إغراء من أحد. لقد تعلمت وفكرت وحاكمت فقررت فنفذت.

كانت هذه الفتاة اللامعة تشاهد في إحدى الأمسيات على التلفاز برنامجاً وثائقياً عن الحجاب في فرنسا، ومشروع القانون الذي سيمنع دخول الطالبات المحجبات إلى المدارس بحجابهن.

وقد قابلت المذيعة عدداً من التلميذات اللواتي أبدين سخطهن من هذا القرار، فلقد وضعهن على مفترق طرق مؤلم بالنسبة لهن.

قالت إحداهن والدموع تترقرق في عينيها: "أنا فتاة مغربية، ولدت في فرنسا، وأردت وضع الحجاب منذ أن وصلت إلى الرابعة عشرة من عمري. لم يجبرني والداي على ذلك، فلدي شقيقتان أكبر مني لا تضعان الحجاب. يقولون في مشروع القانون إن الحاجب رمز ديني لذا يجب منعه في دولة علمانية، ولكني لا أراه كذلك، فهو واجب ديني، لذا فهو لا يقارن بالرموز الدينية الأخرى كالصليب مثلاً، بالله عليكم بماذا يزعجهم حجابـي؟".

تذكرت ميساء مأساة أختها التي كانت مضطرة إلى نـزع حجابها عند باب المدرسة، ثم تعيد ارتداءه عند خروجها.

لقد كثرت في الفترة الأخيرة أخبار اضطهاد المحجبات في العالم، ففي تركيا وتونس كان لا يسمح لهن بدخول المدارس والجامعات والدوائر الحكومية إلاّ إذا خلعن حجابهن، حتى جاء الفرج في السنوات الأخيرة، وبدأت هذه القوانين الجائرة بالتلاشي، في الوقت الذي ظهرت فيه نـزعة نـزع الحجاب واشتدت في أوروبا وبعض بلدان أفريقيا.

سألت ميساء والدها الذي كان يتابع البرنامج معها: "بابا، لماذا يكرهون الحجاب؟" "يابنيتي إنهم يكرهونه لأسباب عديدة، وهم في الحقيقة لاتزعجهم قطعة القماش تلك، بقدر ماتزعجهم المعاني التي تحملها تلك القماشة. الحجاب بالنسبة لهن هو لسان يفصح عن هويته الإسلامية، أي هو إعلان أن صاحبته ملتزمة بمبدأ لا تحيد عنه، وهي قد ضحَّت ببعض ملذاتها الشخصية في سبيل اعتقادها ذاك.

هناك فريق يكره أن يرى هوية إسلامية تلفت النظر إلى كبريائها وشموخها، وفريق يكره رؤية أصحاب عقيدة مخالفة يظهرن انتماءهن إليها. هناك فريق من السيدات ضعفن أمام هذا الواجب فقررن مهاجمة الملتزمات لأنهن يرين فيهن ضعفهن الشخصي، وهناك فريق من الرجال يسوؤه احتشام الإناث في الطرقات وأماكن العمل مما يقلل من مصادر المتعة لديهم.

وأخيراً هناك من يرى أننا إذا عودنا الفتاة على خلع حجابها أمام الرجال في أماكن معينة تحت ضغط الإكراه فلعلها تنبذه أو تعتاد خلعه فيما بعد".

"بابا، أنا أفهم أن الأب قد ينصح ابنته بنصائح معينة فيما يخص الزي المناسب لها، وذلك حسب المعتقد والتربية السائدة في البيت، ولكن لا أفهم لماذا يتدخل سياسيو العالم ومفكروه (وخاصة من الرجال) في إصدار قوانين تلزم أو تمنع هذا الزي من غيره؟ فلماذا يتدخل رجال العالم في شؤوننا نحن الإناث؟

هناك بلاد تلزم الحجاب، وهناك بلاد تمنع الحجاب؟

المرأة إذا احتشمت في بعض البلاد هوجمت، وإذا تعرَّت في بلاد أخرى هوجمت؟ ينادون بحرية المرأة في جميع المحافل ولكنهم يفرضون عليها لباسها، فأين حريتها؟ لقد احترنا مع رجال السياسة والتعليم، يريدون أن يتدخلوا في تفاصيل لباسنا، ويسنوا القوانين لذلك!".

"والله إنك فهيمة ياميساء، ولكن كُتِبَ لمعركة الخير والشر أن تبقى قائمة حتى قيام الساعة".

Pages