You are here

قراءة كتاب بني آدم خمسة عشر عامًا مع الإخوان وسنة ونصف مع شفيق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بني آدم خمسة عشر عامًا مع الإخوان وسنة ونصف مع شفيق

بني آدم خمسة عشر عامًا مع الإخوان وسنة ونصف مع شفيق

كتاب " بني آدم خمسة عشر عامًا مع الإخوان وسنة ونصف مع شفيق " ، تأليف شريف عبد العزيز , والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام .

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

الإعلام الخاص: من أنتم ؟
كيف حاولت النُخب الفاشية توجيه الرأي العام المصري ؟
( أغسطس 2011 )
الانحياز الجميل !
يحلو للكثيرين اليوم من أصحاب المطالب "الثورية" أن يتهموا التليفزيون المصري بأنه "منحاز" ضد الثورة وأنه مليء بـ"الفلول"، بينما تكاد كلمة "انحياز" و"اللا موضوعية" تلتصق التصاقًا بكل منابر الإعلام الخاص بكل أشكاله الورقية والصوتية والمرئية أيضًا بلا أدنى اختلاف، فلو كانت تهمة المنبر الحكومي المصري أنه منحاز بشكل عام فهذا الانحياز لا يمكن أن يكون عارًا فقط إذا اتصف به التلفزيون المصري، ولكنه يصبح شرفًا وكرامة إذا اتصف به الإعلام الخاص بمنابره المتعددة.
ما أعرفه عن الإعلام الموضوعي والمحترف أنه نبض الشارع بكل أطيافه، وأنه يتيح الفرصة للنقد، ويسمح بإبداء الرأي وإتاحة الفرصة للحوار، وأنه لا يخلط الخبر بالرأي، ولا يقرِّر مسبقًا كيف يجب أن يكون الرأي العام وكيف يجب أن يفكِّر الناس.. لذا تضحكني كثيرًا تلك التهمة الموجهة للتلفزيون المصري الآن بعد الخامس والعشرين من يناير - على الرغم من بعض أوجه الصحة في هذا الاتهام - بينما يمكن للإعلام الخاص أن يمارس "الانحياز الجميل" ليلاً ونهارًا ويعتبره البعض أمرًا عاديًا؛ بل بطوليًا ووطنيًا. وقد تبدى ذلك جليًا عندما قام مقدِّم برنامج وكاتب في مرة من المرات بالاتصال بمذيعة معروفة على قناة مملوكة لرجل أعمال معروف على الهواء مباشرة ليخبرها كم هو فخور بها لأنها "منحازة" للثورة "إعلاميا" وأنه لا مجال "للموضوعية" في هذا السياق. لذا كان على كليهما - هذا المذيع وتلك المذيعة - أن يقفا معًا في ذات الصف الذي وقف فيه التلفزيون المصري "متهَما" - بفتح الهاء - ليصبحا هما ومن معهما من فرق الإعلام الموجه المنتشرين في أنحاء القنوات الفضائية وعلى صفحات الجرائد التي اصفرَّ بعضها من شدة "الكلام المرسل" الذي يستحق بعضه المقاضاة القانونية بسبب ما فيه من كذب؛ على هذين الإعلاميين وغيرهما إذن أن يقفوا في ذات صف الاتهام الموجه للتلفزيون المصري بلا أي شك.. بمعنى آخر، فليقف الكل وقفة المتهَم ولا يحاول طرف ادعاء النزاهة بالإشارة إلى طرف آخر بأنه هو المتهَم... "اللي بيته من إزاز ميحدفشي الناس بالطوب"، ولو حتى باسم الثورة.
الخبر اللي ف صفي يبقى "موضوعي"
وهذه مسخرة أخرى من مساخر الإعلام الخاص بكل أشكاله ابتداءً بقناة الجزيرة التي تفتقر للمهنية بشكل واضح في تغطيتها الصحفية للأحداث الهامة بناءً على أيديولوجيتها وسياساتها التحريرية، مرورًا بالقنوات الفضائية المصرية الخاصة التي يمولها رجال أعمال معروفون ويعمل فيها رجال ونساء لهم توجهات معروفة أيضًا. عندما بدأت قناة الجزيرة "الثورية" بنقل أحداث الانتفاضة الشعبية في مصر شاركتْ في صناعتها بالحشد لها بدلاً من تغطيتها ونقلها كما هي، لذا قامت هذه القناة الموجهة بتضخيم أعداد المتظاهرين حتى بلغت أضعاف أضعاف مَنْ هم في الشارع وكذلك أتاحت الفرصة لأصحاب آراء معينة بالحديث بشكل أكثر وأكبر وأطول للتأثير في الرأي العام المصري. وعندها قلتُ: "الإعلام المنحاز لك سينحاز ضدك في يوم من الأيام عندما تتغير سياسته أو تتغير أولوياته أو تتغير رسالته الموجهة".. وقد كان.. ففي أحداث ما بعد الثورة وبينما كان رفقاء الأمس في ميدان التحرير متفقين على رحيل مبارك وكانت الجزيرة تزايد معهم، قامت نفس القناة بالانقلاب على فصيل من تلك الفصائل عندما تحول رفقاء الأمس إلى فرقاء اليوم وغدًا.. بل بلغ الأمر أن هؤلاء الفرقاء اتهموا القناة بأنها منحازة لفصيل دون الآخر.. والمضحك جدًا أن الذي انتقد الجزيرة قال إنها تغيِّر في أعداد المتظاهرين حسب دعمها لفصيل أو عدم دعمها لفصيل آخر حتى تبين بالدليل القاطع عدة مرات أن قناة الجزيرة تعبث، فهي تحشد حينما يتوافق هذا مع أجندتها، أو هي تخذل وتقلل من شأن آخرين لو كانوا لا ينتمون للفصيل الذي تدعمه القناة في ذلك الوقت !.
إذن هذا ليس إعلامًا نظيفًا؛ ولم يكن يومًا... وهنا على الناس أن ينتبهوا لتلك القنوات ورسائلها الواضحة والضمنية، حتى لا يقعوا في فخ التحريض والحشد أحيانًا أو التخذيل والتهوين أحيانًا أخرى، ولذا قد يصبح الناس رهن حملات إعلامية موجهة قد يكون لها أعظم الضرر في وقت أصبحت فيه مصر تحت سمع وبصر العالم وأصبح ما فيها من أحداث يهمُّ أطرافا كثيرة تحب أن توجهه يمنة أو يسرة حسب رؤية سياسية أو أيديولوجية لآخرين لهم مآرب قد لا تتوافق مع مصالح الشعب المصري العليا... ولذا وبكل بساطة فإن الخبر أو تفسير الخبر الذي في صفك لا يعني بالضرورة أنه موضوعي، ولو كنت تعلم ذلك فعليك أن تنتبه لعل الأمر يكون وراءه أهداف أخرى.
المراسل المسيس / الناشط الصحفي
وهو آلافة التي اُبتلينا بها في الشهور المنصرمة، فمكان الناشط السياسي هو أن يكون منشغلاً بنشاطه السياسي ولا يصح أن يكون صحفيًا ناقلاً للخبر ولا مراسلاً لقناة ينقل لها الواقع من الأرض، وقد اعتاد كثير من النشطاء أن يكونوا مراسلين لمراصد إخبارية محترمة مثل رويترز والاسوشيتد برس والبي بي سي والهولندية والألمانية وغيرها، وكذلك قناة الجزيرة والعربية وغيرهما من القنوات الموجهة. فتجد الخبر مفصلاً تفصيلاً، وتكتشف ذلك عندما تكون في محل الحدث ثم ينقل أحدهم الحدث وتجده على صفحات الجرائد وأنت تعرف أنه إما مبالغ فيه أو مهون منه أو مفبرك تمامًا أو منقول بطريقة منحازة... وخطورة هذا الأمر هو أنك تصنع الخبر ولا تنقله، وخطورة هذا تكمن في أن المنبر الإعلامي الذي نعتبره موثوقًا فيه هو في الحقيقة منبر مخترق من أصحاب الرؤى السياسية المتنوعة.
كيف لمراسل إسلامي مثلاً أن ينقل خبرًا عن نشاط يقوم به الإسلاميون وهو متحمس له جدًا ؟ كيف أطمئن لنقله للخبر ؟.. هناك فرصة كبيرة أن يقلل من شأن الأخطاء ويبالغ في وصف المزايا، وهناك فرصة كبيرة أن يبالغ في عدد المشاركين أو يقلل منهم حسب وجهة نظره في تلك اللحظة.. والشأن بالشأن يذكر، فتلك أيضًا مصيبة المراسلين أصحاب الرؤى الليبرالية واليسارية والمحسوبين على الفريق العلماني أو أصحاب الرؤى الأخرى المغايرة فهم يضعون رغباتهم في الخبر ويضعون تحيزاتهم في القصة المنقولة.. إنهم يزّورون الواقع ويخلقون رأيًا عامًا غير حقيقي.. هؤلاء يستمرون في الخديعة بشكل مستمر، وهم لا يخالفون أصحاب المنابر الحكومية في شيء فكلهم سواء، إنهم جميعًا يرتكبون جريمة الخيانة والخديعة.
وعلى منابر الإعلام الأخبارية أن تتحقق من مراسليها بشكل مستمر عن طريق الآليات المعروفة المتبعة للتحري من نزاهة المراسل أو الصحفي الذي ينقل الخبر من على الأرض.
أبطال الكلام المرسل
وهم بلا شك معروفون لنا جميعًا، هم مذيعو ومذيعات التوك شو وبرامج الحوار "من طرف واحد"، يظهرون على قنواتهم وكل منهم امتلك برنامجًا على قناة من القنوات الخاصة ليخبرنا عن وجهة نظره هو ومن يتبعه، ويأتي بضيوف يغنون معه نفس الأغنية ويتحدثون عن أفكارهم بشكل "زن على الودان" والذي عرفنا أنه "أقوى من السحر"، إنهم يقولون لنا كيف يجب أن نفكر عن طريق التمثيل والأداء وإظهار شكل حواري بينما هو منتقٍ وموجه، ثم استمع إلى القصص التي لا نهاية لها عن فلان قام بكذا وفلانة صنعت كذا، وفلان قام بكذا لأن وراءه كذا، وحدث كذا لأن كذا لابد وأنه متعلق بكذا الآخر، وأن فلان له علاقة بفلان، وفلان آخر اتفق في السر مع فلان ثاني... وكل هؤلاء الفلانات يخبئون هذه الأسرار بينما هذا المذيع اللوذعي أو المذيعة الخارقة يعرفان هذه الأسرار من مصادر لا يمكن كشفها.
بعض هذا الكلام المرسل قد يوقع صاحبه في براثن القانون في دولة فيها قانون، فحينما يجلس فلان يبتكر تُهمًا لأشخاص بلا بينة ثم يدعي أن هذا حق، فهذا شخص يحتاج إلى صفعة قانونية تزيله من على عرشه الفضائي وإلى الأبد، بل ويجب مقاضاة تلك القناة التي سمحت لهذه المهزلة بالحدوث.
على الجميع أن يتوقف عن هذا الكلام المرسل، فلقد امتلأت الأجواء بالشك والريبة، بل وخلف هذا الكلام المرسل أموال يتم إنفاقها وببذخ ونحتاج أن نعرف لماذا ومَنْ وكيف ولأي غرض يتم نشر كلام مرسل لا قيمة له ولا دليل عليه غير أن "الرصاصة اللي متصبشي تدوش"، وهذا هو الهدف الوحيد الظاهر؛ أن يكون نشر الشائعات وظيفته خلق رأي عام والتأثير فيه بدون الاحتكام للقانون ولا للحقيقة لأن الحقيقة تضيع وسط هذه المنابر المتمسحة بحرية الرأي والثورة بينما هم في الحقيقة يهدمون ذات القيم التي نزل لها الناس في يوم الثامن والعشرين من يناير محتجين أولاَ على فساد جعل البعض فوق القانون وجعل صاحب الحق مخذولاً وصاحب الباطل ممكنًا وصوته عال.
لا يمكن أن يستمر الأمر على هذه الشاكلة... لقد ثار الناس من أجل الكرامة، والكرامة تعني ألا أجد من يلفِّق لي قصصًا ويرسم لي حياة كاملة بدون دليل ويختلق لي واقعًا تخيليًا يجعلني أبدو على شكل ما عن طريق ربط أحداث ببعضها البعض فنصبح وكأننا آلهة نعرف الضمائر.. آن لكثير من أبطال الكلام المرسل أن يروا صفعات القانون تنهال عليهم، وحين يتم سجن واحد منهم سيمتنع الباقون وسيخافون وسيكفون عن قذف الناس بالباطل تحت شعارات ثورية وتحررية تمَّ تفريغها من القيم تمامًا.
كوبي و بيست
والملفت للنظر أن هناك حوالي خمسين شخصًا أو أكثر يمثلون رموزًا محسوبة على الثورة لم ينصبهم أحد لقيادة الثورة وهم لا ينطقون إلا باسم أنفسهم أو تياراتهم أو جماعاتهم أو أيديولوجياتهم، ورغم أن كل منهم يحلف بالله أنه لا يمثل إلا نفسه إلا أنهم يتحدثون بلغة الجمع وبثقة تشعر منها أنهم لديهم من الله والناس ميثاق مبين، يدورون على القنوات الخاصة والحكومية يحللون ويفتون وينظرون ويعطوننا الأسرار التي لم تنكشف إلا لهم، ويرددون عبارات "أكلشيهاتية" ثم يدرجون تحتها أي شيء مثل "الشعب يريد"، و"تطهير"، و"فلول"، و"دول من النظام السابق"، و"مطالب الثورة"، و"ثورة مضادة"، و"الشرفاء"، و"الفاسدين".. عبارات مرسلة يتم تناقلها وما تحتها من مضامين بشكل "كوبي وبيست" حتى أنك يمكن أن تتنبأ بما سيقولون قبل أن يتفوهوا به.. لا تعرف معهم حوارًا ولا يفهمون لغته أصلاً؛ رغم أنهم صدعونا بالحوار وقيمه سنين طويلة.. يمتهنون السخرية ممن خالفهم في الرأي حتى أصبحوا يسخرون من العوام ويتعالون عليهم بلغة مقعرة مليئة بمصطلحات سياسية وتعبيرات متكررة واتهامات محفوظة وتحليلات يقولونها أشبه بالحقائق المدعومة بالأدلة، وهؤلاء كوَّنوا ما يبدو لنا أنه رأي عام، إلا أنهم في الحقيقة عبثوا بالعقل الجمعي للمصريين.
تخيل أن لهؤلاء منابر أو أنَّ منهم ضيوفًا يدورون من قناة لأخرى يرددون ما يرددون بما فيه من مرسل ومؤكد؛ تخيل كيف يمكن لقلة لا تمثل إلا نفسها أن تساهم في تشكيل الرأي العام لكون الإعلام الخاص قد سلَّم رؤوسنا لحوالي عشرين من الإعلاميين يفكِّرون بهذه العقلية الفاشية، وعشرين أو ثلاثين آخرين يتم دعوتهم كضيوف في البرامج الحوارية لا يختلفون في تعميمهم وتنميطهم ولغتهم القمعية عن النظام السابق الذي يزعمون أنهم ضده.
هذا هو حال الإعلام الخاص الموجه، لم تعد عنجهيتهم موجهة فقط ضد من يسمونهم بالنظام السابق أو الفلول؛ بل ضد بعضهم البعض حين يختلفون، بل وضد الناس والعامة. ولكن ثبت بالدليل القاطع أن العامة - وبعد غسيل المخ اليومي - يثبتون أنهم لا ينطلي عليهم الكثير من هذا الحكي الذي لا نهاية له... هذا الكويي والبيست ينكشف مع الوقت حينما تتخذ الجماهير قرارًا مغايرًا للصورة الوهمية التي يرسمها هؤلاء على منابر الإعلام الخاص ولقد كانت نتائج استفتاء 19 مارس كالصفعة القوية على وجوه مجموعة كبيرة من هؤلاء المنظّرين ومَنْ يمولهم.
كذلك يبدو أن الإعلام الخاص يسيطر عليه أصحاب أيديولوجيات بعينها، فتجدهم يتحدثون بنفس اللغة عن القضايا والمؤسسات والتيارات المغايرة لهم، غير القناة من هذه إلى تلك.. فالنغمة واحدة.. والكلام يشبه بعضه بعضًا.. "كلهم تافين ف بق بعض".
ثورة قيم وليست ثورة شعارات
وهذا ما أعرفه، ولا يهمني بحال الشعارات ولا من يقولونها... فليسمونها ثورة أو يسمونها هوجة أو يسمونه انقلابًا أو يسمونها انتفاضة... القضية هي في القيم، قد أفهم أن من نتهمهم بكونهم من "الفلول" قد يقومون بالخيانة الإعلامية من حين لآخر، ولكن كيف أبرِّر للذين يرتكبون هذه الجريمة باسم الثورة واسم الناس ؟ حتى أصبح شعار "الشعب يريد" شعارًا مبتذلاً اُرتكبت باسمه أخطاء شتى، وقد حان الوقت للتوقف والاعتبار والتحرك أيضًا... نحن نريد قيمًا ولا نريد كلامًا مرسلاً ولا شعارات ثورية ولا تغييرات شكلية.. قيم بمعنى قيم...
ولذا أريد أن أسأل وبصوتٍ عالٍ ومعي الكثيرون :
أيتها المنابر الإعلامية الخاصة بكل من فيكِ من إعلاميين ومن وراءكِ من ممولين.. أريد أن أسألكم : من أنتم ؟.
 

Pages