You are here

قراءة كتاب خريطتك في رحلة النجاح

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خريطتك في رحلة النجاح

خريطتك في رحلة النجاح

كتاب " خريطتك في رحلة النجاح " ، تأليف جون ماكسويل ، والذي صدر عن دار جبل عمان ناشرون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

صورة النجاح الخاطئة

حتَّى لو تفاديتَ فخَّ التفكير بأنَّ النجاح يعني أن تكون مثل شخصٍ آخر، فقد تكون لديك بَعدُ صورةٌ خاطئة عن النجاح. وبصراحة، فإنَّ أغلبيَّة الناس يُسيئون فهم النجاح، إذ يُساوونه على نحوٍ خاطىءٍ بإنجازٍ من نوعٍ ما، أو ببلوغ مَقصِدٍ أو إحراز هدف. وإليك بعضًا من أعمِّ المفاهيم الخاطئة بشأن النجاح:

الغنى

ربَّما كان أعمَّ مفهوم خاطئ بشأن النجاح أنَّه وحيازةَ المال شيءٌ واحد. فكثيرون من الناس يعتقدون أنَّهم إن كدَّسوا الثروات يكونون ناجحين. غير أنَّ الغنى لا يؤتي الرِّضى ولا النجاح. مرَّةً سُئِل رجل الصناعة جون دي. روكِفلر، وهو رجلٌ غنيٌّ جدًّا حتَّى إنَّه تبرَّع في أثناء حياته بأكثر من ٣٥٠ مليون دولار، كم يُعوِزه من المال كي يكتفي، فكان جوابه: ’’مقدارٌ قليلٌ بعد!‘‘ وقد أكَّد الملك سُلَيمان قديمًا- ويُقال إنَّه كان أغنى رجُلٍ عاش على الأرض فضلًا عن كونه الأحكم- أنَّ ’’مَن يحبُّ الفضَّة (أي المال) لا يشبع من الفضَّة، ومن يحبُّ الثروة لا يشبع من دَخل‘‘ (الكتاب المقدَّس- سِفر الجامعة ٥: ١٠).

إنَّ الغنى وما يجلبه زائلان في أحسن الأحوال. مثلًا، في العام ١٩٢٣، اجتمعت حفنة من أغنى أغنياء العالَم في فُندق إدجوُتَر بيتش في شيكاغو بولاية إيلينوي، وكانوا مشاهيرَ زمانهم في مجال الثروة والنفوذ. وقد كان تحت تصرُّفهم في ذلك الزمان مالٌ يفوق إجماليَّ ما تحويه خزينة الولايات المتَّحدة. وهاك لائحةً بمَن كانوا حاضرين هناك، وماذا حلَّ أخيرًا بكلٍّ منهم.

تشارلز شواب- رئيس أكبر شركة فولاذ مستقلَّة- مات مُفلِسًا.
آرثر كَتِن- أكبر مُضاربي القمح- مات مُعوِزًا وهو خارج البلاد.
ريتشارد وِتني- رئيس بورصة نيويورك- مات بُعيدَ إطلاقه من السِّجن.
ألبرت فُول- عضو المجلس الاستشاريِّ لدى رئيس الولايات المتَّحدة- أُعفي من السجن ليُتاحَ له أن يموت في بيته.
جِس لِڤرمُور- ’’المُضارِب ‘‘الأكبر في وُول ستريت- قضى مُنتحِرًا.
لِيُون فرايزر- رئيس بنك الإنعاش الدُّوَليّ- قضى مُنتحِرًا.
إﻳﭭﺎن كُرويغَر- رئيس أكبر شركة مُحتَكِرة في العالم- قضى منتحرًا.
حتَّى المِليونير اليونانيُّ أريسطو أُوناسيس، وقدِ احتفظ بثروته ومات شيخًا طاعنًا في السنّ، أدرك أنَّ المال لا يماثل أبدًا النجاح. فقد أكَّد أنَّه ’’بعد بلوغك حدًّا معيَّنًا، يغدو المال عديم الأهمِّيَّة. فما يهمُّ هو النجاح‘‘.

شعورٌ خاصّ

ثمَّة مفهومٌ خاطئ شائع آخر يرى أنَّ الناس قد أحرزوا النجاح إذا شعروا بأنَّهم ناجحون أو سُعَداء. لكن قد تكون محاولة المرء أن يشعر بالنجاح أصعبَ بعدُ من محاولته أن يصير غنيًّا. خُذ مثلًا مطوِّر قطاع العقارات دونالد تروﻣﭗ، فإنَّه قال: ’’مقياس النجاح الحقيقيُّ هو مدى سعادتك. فلديَّ أصدقاء كُثُر لا يملكون كثيرًا من المال، ولكنَّهم أسعدُ منِّي بكثير، لذلك أقول إنَّهم ربَّما كانوا أنجح منِّي‘‘. فإنَّ تروﻣﭗ، الذي يعدُّه كثيرون ناجحًا، يعتقد أنَّ السعادة هي النجاح. ولعلَّ أصدقاءه السُّعَداء يحسبون أنَّه هو الرجُل الناجح. فهذا الحسبان يُبيِّن أنَّ كثيرين يُساوون النجاح بما لا يملكونه.

إنَّ نشدان السعادة المستمرَّ سببٌ جوهريٌّ لكون كثيرٍ من الناس بائسون. فإنْ جعلتَ السعادة هدفك، يكاد يكون من المؤكَّد أنَّ مصيرك سيكون الفشل. وستكون كمن يركب الأفعوانيَّة في مدينة الملاهي، إذ تَنقلِب من كونك ناجحًا إلى كونك فاشلًا مع كلِّ تغيُّر في المزاج. فالحياة غير يقينيَّة، والمشاعر ليست ثابتة. ولا يمكن التعويلُ ببساطةٍ على السعادة باعتبارها معيارًا للنجاح.

مُمتلكات مُحدَّدة ومُستحِقَّةٌ عناءها

عُد بذاكرتك إلى زمن حداثتك. فربَّما حدث مرَّةً أنَّك رغبتَ في الحصول على شيءٍ ما رغبةً شديدة، وخُيِّل إليك أنَّ امتلاكك لذلك الشيء سيُحدِث في حياتك فرقًا هامًّا. وبالنسبة إليَّ، كان ذلك الشيء هو درَّاجة خمريَّة فضِّيَّة من نوع شوِن. فلمَّا كنتُ في التاسعة من عمري، كان دارِجًا في حيِّنا أن نتسابق بدرَّاجاتنا. إذ كنّا نُجري سباقات قصيرة لنعرف مَنِ الأسرع؛ ونصنع مَدارِجَ من ألواح الخشب لنرى مَن يقفز أطولَ مسافة؛ ونُقيم في بعض أيَّام السبت سباقًا عبر شوارع البلدة نقطع فيه نصفَها ذهابًا وإيابًا. وقد كنّا نقضي وقتًا مُمتعًا جدًّا على درَّاجاتنا.

آنذاك كنتُ أركب درَّاجة مُستعمَلة سبق أنِ استهلكها أخي لاري، وكنتُ أُجاهِد بعناء لمُجاراة بعض الأولاد على درَّاجاتهم الأحدث. وقد تصوَّرتُ أنَّ ذلك سيكون سهلًا عليَّ إنْ حصلتُ على تلك الدرَّاجة الخلَّابة. إذ ذاك سأمتلك الدرَّاجة الأحدث والأسرع والأجمل دون جميع أصدقائي، فيُضطرُّون إلى طلب رضاي ويصيرون كخاتم في إصبعي.

وفي صبيحة عيد الميلاد تلك السنة، لمَّا نظرتُ إلى ما تحتَ شجرة الميلاد، رأيتُ درَّاجة أحلامي. آنذاك كانَتِ الدرَّاجات صُلبةً مثل الدبّابات. وكان لدرَّاجتي كلُّ ما يمكن أن يرغب فيه صبيٌّ من الإضافات: رفرفان واقيان من الوحل، أجزاء مَطليَّة بالكروم، جَرَسان، ومصابيح خاصَّة بالدراجات. وقد كان ذلك رائعًا إلى حين، إذ تعلَّقتُ بتلك الدرَّاجة وقضيتُ أوقاتًا طويلة على متنها. غير أنِّي سرعانَ ما اكتشفتُ أنَّها لم تؤتِني النجاح ولا الرِّضى الطويل الأمد اللَّذين رجوتُهما وتوقَّعتُهما.

وقد تكرَّرت تلك العمليَّة ذاتُها في حياتي. إذ تبيَّن لي أنَّ النجاح لم يوافِني حينَ صرتُ مُشارِكًا في فريق كُرة السلَّة المدرسيِّ في المرحلة الثانويَّة، ولا حينَ أصبحتُ رئيس الهيئة الطلَّابيَّة في الجامعة، ولا حينَ اشتريتُ منزلي الأوَّل. فالمُمتلكات، في أحسن الأحوال، علاجٌ وقتيّ. إذ لا يمكن إحرازُ النجاح ولا قياسُه بتلك الطريقة.

النفوذ

قال تشارلز مَك إلُروي مازحًا ذات مرَّة: ’’يُعتبر النفوذ في العادة علاجًا مُضادًّا للاكتئاب قصيرَ الأمد مُمتازًا‘‘. وفي هذا القول كثيرٌ من الحقّ، لأنَّ النُّفوذ غالبًا ما يُضفي مظاهرَ النجاح، ولكنْ حتَّى في ذلك الحين لا يكون الأمر إلَّا وقتيًّا.

ولعلّك سمعتَ بما قاله المؤرخ الإنكليزيُّ لُورد أكتون: ’’تميل السُّلطة إلى الإفساد، والسُّلطة المُطلقة تُفسِد إفسادًا مُطلقًا ‘‘. وقد أَرجَع أبراهام لنكولن صدى هذا المُعتقَد حين قال: ’’يستطيع جميع الرجال تقريبًا أن يتحمَّلوا الشدائد؛ ولكنْ إذا شئت أن تختبر خُلق رجُلٍ ما، فأعطِه سُلطة‘‘. فالنفوذ هو بالحقيقة امتحانٌ للأخلاق. ذلك أنَّ السُّلطة في يد شخصٍ مستقيم تشتمل على خيرٍ يعمُّ. أمَّا في يد طاغية، فإنَّها تُسبِّب دمارًا رهيبًا. إنَّما النفوذ، في حدِّ ذاته، ليس سلبيًّا ولا إيجابيًّا. ثُمَّ إنَّه ليس مصدر الأمان ولا النجاح. أضِفْ إلى ذلك أنَّ جميع الحُكّام المستبدِّين- حتَّى مَن كان مُحسِنًا منهم- لا بدَّ أن يفقدوا النفوذ أخيرًا.

الإنجاز

يُعاني كثيرون ما أُسمِّيه ’’مَرَض الغاية‘‘. فهم يعتقدون أنَّهم سيكونون ناجحين حينما استطاعوا بلوغ غايةٍ ما، كأنْ يفوزوا بمنصب، أو يُحرِزوا هدفًا، أو يُقيموا علاقةً بالشخص المناسب. وفي وقتٍ من الأوقات، كان لي نِظرةٌ مُماثِلة إلى النجاح. فقد عرَّفتُه بأنَّه التحقيقُ المُطَّرِد لهدفٍ هامٍّ سبق تحديدُه. ولكنْ بمرور الزمن، أدركتُ أنَّ هذا التعريف قصَّر عن بلوغ مرماه.

إنَّ مجرَّد بلوغ الغايات لا يضمن النجاح ولا الرِّضى. فتأمَّلْ ما جرى لمايكل جوردان.

لقد قرَّر منذ بضع سنين أن يتقاعد من لعبة كرة السلَّة، قائلًا إنَّه حقَّق جميع الأهداف التي أراد تحقيقها. ومن ثَمَّ مضى يلعب البايسبول في المُباريات الصُّغرى- إنَّما مدَّةً غير طويلة. فهو لم يستطَعِ الابتعاد عن لعبة كرة السلَّة. إذ إنَّ لعب اللعبة، أو الانخراط في قلب العمليَّة، كان بيت القصيد. فأنت ترى أنَّ النجاح ليس لائحة أهدافٍ تشطبها واحدًا بعد الآخر. إنَّه ليس بلوغَ غايةٍ من الغايات، بل هو رحلةُ حياة.

Pages