كتاب " نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير " ، تأليف د. أوسم وصفي ، والذي صدر عن دار أوفير للطباعة والنشر .
قراءة كتاب نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير
يقظةُ الوَعيِ المجتمعيّ
عادةً ما يكتَسبُ الإنسانُ وجهةَ نظره من الثقافة المحيطة به. فإنْ كان من الطبقة الوُسطى، مثلًا، فإنَّه يتبنَّى الآراءَ التي تحافِظُ على مَصالح هذه الطبقة ومكتَسَباتِها دونَ أن يحاوِلَ وَضْعَ نفسِه في مكانِ طبقاتٍ أخرى من المجتمع. لا يكونُ عادةً مثلُ هذا الإنسان شخصًا واعيًا لما يحدُثُ من تهميشٍ أو ظُلْم لبعض الفِئات من المجتمع بسبب فروقٍ عرقيَّةٍ أو دينيَّةٍ أو إعاقاتٍ أو حالاتٍ خاصَّة، فلا يعارض أو حتَّى يُناقِش المفاهيمَ السائدةَ التي تتبنَّاها الطبقةُ أو الجماعةُ التي ينتمي إليها. فإذا كانَتْ هذه الجماعة تنظرُ نظرةً مُعيَّنة إلى النساء أو الأطفال أو الفُقَراء أو الأقلِّيَّاتِ الدينيَّة أو العِرقيَّة، فإنَّه يتبنَّاها دونَ حتَّى أن يتَساءَلَ بينه وبين نفسه بشأنها، كما يرى أنَّ كلَّ ما عليه فِعلُه هو أن يذهبَ إلى جامعتِه أو عمله ويدفعَ ضرائبَه ويكون مواطنًا صالحًا وكفى، لذا فهو لا يكونُ ناشِطًا على الصعيد الاجتماعيّ.
قد يحدُثُ شيءٌ ما يوقِظُ وَعْيَ مثلَ هذا النوع من البشر، فيبدأ في التَّساؤل والاستِكشاف. فمثلًا قد يتعرَّفُ بِصورةٍ عميقةٍ إلى شخصٍ من هؤلاء الذين تَبنَّى نظرةً نمطيَّةً لهم، أو يحدُثُ له أو أمامَ ناظِرَيه موقفٌ يُظلَم فيه شخصٌ أو يُعتدى عليه بسبَبِ انتِماءاته. عندئذٍ يمكنُ أن يستَيقظَ الوَعيُ الاجتماعيُّ لدى هذا الإنسان، ويبدأ في تَبنِّي وجهاتِ نظرٍ أخرى وربَّما يتَّسعُ وَعيُه الاجتماعيُّ أكثر فيتبنَّى قضايا فئاتٍ من المجتمع، ويصيرُ ناشطًا اجتماعيًّا. ومن الممكن أن يتَّخذَ هذا النشاطُ صوَرًا متعدِّدةً مثل النشاط الإعلاميِّ الذي يهدِفُ لأن يعرِّفَ بهذه المجموعة المظلومة وبقضاياها، وقد يحاوِلُ أن يعرِضَ أمامَ مجتمعه قصصَ الظُّلم الذي وقعَ على هذه الفئة، وقد يكونُ النشاطُ حقوقيًّا يدفَعُ إلى تغيير القوانين المتعلِّقة بهذه الفئة من خلال التأثير في البرلمانيِّين من أعضاء المجالس التشريعيَّة التي تَسنُّ القوانين، أو قد يؤسِّسُ جمعيَّةً للعَمل الاجتماعيِّ يُقدِّمُ من خلالها مساعداتٍ مباشرةً إلى هذه الفئة من الناس.